أولاً، ضع الكلمات مثل الورود على شرفة الذاكرة، واجلس بانتظار غيمة سكوب كنخلة طويلة بين هلالين رمليين متقابلين. قد تعصف بك ريح شديدة فتميل معها، وقد يجلس على كتفيك سرب من اليمام ولا يطير بك معه، وقد تمر بك غيمات كقطيع من الماعز ولا تمطر شيئاً، ولكنك تبقى طويلاً تستهدي بك القوافل والرعاة في البادية. ثانياً، سر كل يوم في معجم قديم وحدك، تطيل النظر في الكلمات حتى تعرف سلالتها، وتجلس تحت ظلال المعاني، لترى كيف يصيد الشعراء ظباء القوافي الشاردة في براري اللغة. ستعرف كيف تصنع من فحمةٍ لؤلؤة سوداء، وكيف تفرق بعصا الإيقاع النحيلة بين الحصا والزبرجد. ثالثاً، مرن قلبك على الامساك بمبرد وجدك المتوقد لتنحت من اللغة ما يسيل من قبة خيالك الفلكية من صور ثلاثية الأبعاد. هكذا سيصبح صوتك صافياً كمرآة نبع تصقلها أنفاس الربى. رابعاً، اقطف من كل كتاب تقرأه تفاحة واحدة على الأقل، لتقضمها فرس القريحة من راحة يدك المبسوطة وأنت مغمض العينين. لعل صهيلك يصبح أعلى في بهو قصيدتك الخضراء. خامساً، دع نبض القصيدة يقودك في الطريق إلى ظلمة ما لا تعرف، فالقصيدة تنقش دربك بالقناديل الصغيرة. ومثل كل مرة، ستجلس في نهاية القصيدة مع نفسك كأنك تلتقيها أول مرة. سادساً، فتش عن الشعر في الشعراء القدامى، ولا تفتش عن الشعراء القدامى في الشعر. ستسمع كلاماً كثيراً عن الشعر والشعراء، كيف يعلقون القوافي على أكتافهم كالجدائل، وكيف يصنعون من المعاني سيوفاً منقشة بالجواهر، لكن ابحث فيهم عن نفسك حيث تكون، ففيك غمد المعنى. سابعاً، سر وحدك لكن اخطُ بقدميك خطوات من سبقوك. فقد تكون أنت نسيج وحدك، لكنَّ مغزل شعرك مشترك. ثامناً، لا تفتش عن سر العاطفة، ودع غموضها يبني أشجاره رويداً رويداً في حائط قلبك حتى تذلل فيك عناقيدها الدانية. عندها ستشع العاطفة منك في ظلام حزنك كنجمة ساطعة. تاسعاً، اترك الوزن يرسم حدوده على خرائط الكلام، ولا تقف عند النزاع الحدودي بين الشعر والنثر، وكن سائحاً يصافح الجميع ويمر بسلام. عاشراً، انصت جيداً لنداء الموهبة.