قدور البلح والحليب الطازج أصبحت متوفرة في جميع مقاصف ومقاهي مجمع ملاعب ومتنزه «أولمبيك بارك» في العاصمة البريطانية لمساعدة اللاعبين والعاملين والمسئولين والزوار المسلمين على كسر صيامهم خلال فترة الألعاب الأولمبية المقبلة «لندن 2012». وفي أحد المقاصف الأولمبية صرح توم باريت كبير متعهدي الطعام في أولمبياد لندن لوكالة الأنباء الألمانية (د ب أ) قائلا: «بدأت أخطط لهذا الأمر في يناير 2010.. وقد أوليت لهذا الأمر تفكيرا كثيرا». ويتم تغيير قوائم الطعام التي تضم أطباق تراوح بين الدجاج المطهو بالفودكا والطعام الآسيوي المشوح في المقلاة وإلى أطباق دول البحر المتوسط و»أفضل الأطباق البريطانية» بشكل يومي للسماح للزبائن بالاختيار بين 460 طبقا مختلفا دون أن يضطروا أبدا لتناول الشيء نفسه مرتين. ومنذ أول ليلة في رمضان بلندن وفي تمام الثامنة مساء بتوقيت جرينتش وجد المسلمون التمر واللبن معروضين للبيع في المقاصف الأولمبية المختلفة لمساعدتهم على الاستعداد لتناول وجبة الإفطار. وقال باريت: «إننا نفتح أبوابنا 24 ساعة في اليوم ولدينا طعام يلبي جميع الاحتياجات الدينية والحميات الغذائية .. وهناك وجبات ساخنة طوال الليل». وكان مسئولو اللجنة المنظمة لأولمبياد لندن أكدوا أنهم بذلوا قصارى جهدهم لتوفير كل الاحتياجات الثقافية والدينية لكل من سيتواجد بالألعاب. ومن بين 15500 لاعب ولاعبة سيشاركون في أولمبياد لندن 2012 يوجد ثلاثة آلاف مسلم. وخلال شهر رمضان يمتنع المسلمون عن تناول الطعام والشراب من الشروق وحتى الغروب إلا في حالة وجود عذر شرعي. وتم تجنيد 200 رجل دين، للعمل في أولمبياد لندن، يمثلون تسع عقائد مختلفة. هذا إلى جانب توفير أماكن للصلاة والراحة والعبادة للمسيحيين والمسلمين واليهود والهندوسيين والبوذيين والسيخ والزرادشتيين واليانيين والبهائيين.. ولكن تداخل الرياضة مع ممارسة الشعائر الدينية أثار العديد من الانتقادات. فقد قال مسعود شادجاريه رئيس لجنة حقوق الإنسان الإسلامية في لندن: «لم يكن من الممكن أن ينظموا الدورة الأولمبية في فترة أعياد الميلاد (الكريسماس). ولا يقل الأمر غباء أن ينظموها خلال رمضان». ولكن الشيخ إبراهيم موجرا إمام المجلس الإسلامي البريطاني كان أقل حدة في انتقاده حيث قال: «إنني واثق من أن اللاعبين الرياضيين سيطلبون النصيحة من علماء الدين». وأضاف: «قد يشعر المسلم بأنه كان من الأفضل أن يتجنب الحدث هذا الشهر ولكن حياة المسلم لا تتوقف خلال شهر رمضان رغم صيامه». وتابع موجرا: «أفضل شيء بالنسبة للمسلم هو أن يباشر حياته أو حياتها كما هو الحال في الأيام العادية. فهذا هو الاختبار الحقيقي». وهذا ما فعله محمد شيبي العضو المسلم بفريق التجديف البريطاني. حيث صرح شيبي «24 عاما» لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) قائلا: «لن أصوم خلال الأولمبياد، إنه قرار شخصي اتخذته مع أسرتي». وأضاف: «لم أرد أن أضيع على نفسي فرصة المنافسة في الاولمبياد.. فأنا أول مسلم حق يمثل بريطانيا في فريق التجديف. إنه من ناحية شرف بالنسبة لي ولكنه من ناحية أخرى امر مخز». وقرر شيبي تعويض أيام شهر رمضان التي لن يصومها خلال الأولمبياد بإطعام مساكين معربا عن أمله في أن يظهر لأجيال المستقبل أنهم بإمكانهم «المشاركة في الرياضة وأن يمارسوا شعائرهم الإسلامية في الوقت نفسه». ولذلك فقد أكد شيبي لصحيفة «جارديان» البريطانية أنه قرر إطعام 1800 مسكين في المغرب بتكلفة شخصية تصل إلى ألفي جنيه إسترليني (3100 دولار) وقال: «سيشعرني هذا الامر بأنني حاولت القيام بشيء ما للتعويض ، وإن كنت لازلت مستاء من عدم قدرتي على الصيام».