مهما كانت وجهة نظر المرء تجاه الأشخاص المعتقلين في غوانتانامو، فإن المعاملة التي يتعرضون لها تعتبر غير إنسانية بأي مقياس محايد وعادل. فهؤلاء المعتقلون هم في عزلة عن العالم ولا أحد يدري ماذا يجري لهم. وهذا الرأي يعتنقه الكثير من الأمريكيين أنفسهم، فضلاً عن غير الأمريكيين. لكن أمريكا مشغولة بالتفتيش عن عيوب الآخرين، سواء كانت تلك العيوب حقيقية أو متوهمة. فالحكومة الأمريكية تصدر تقارير وانتقادات لكل دول العالم - تقريباً - بسبب أمور لا تقارن بالظلم الواقع على معتقلي غوانتانامو. ومن هذه التقارير ما صدر مؤخراً ضد المملكة من اتهامات حول الاتجار بالبشر!! لقد اشتكت الأممالمتحدة من أن الحكومة الأمريكية لا تتجاوب مع طلبها بأن يقوم فريق من الأممالمتحدة بزيارة المعتقلات الأمريكية. وقالت الأممالمتحدة إن الحكومة الأمريكية تقوم بعرقلة جهودها للوصول إلى السجون الأمريكية في العراق وأفغانستان وغوانتانامو. ويوجد محقق تابع للأمم المتحدة اسمه مانفريد نواك، قال مؤخراً لوسائل الإعلام إن «المسؤولين الأمريكيين رفضوا في لقاء عقد في ابريل الماضي ضمان حق الحديث إلى السجناء على انفراد». وما دام أن أمريكا ترفض أن تسمح للآخرين بمعرفة ما يدور في غوانتانامو، رغم أن بعض المعتقلين صغار في السن ولم تثبت ضدهم تهم محددة، فكيف تسمح لنفسها بأن تنتقد الآخرين!؟ يقول التقرير الأمريكي، الذي نشرته وسائل الإعلام، إن السعودية لا تفعل ما فيه الكفاية لمكافحة الاتجار بالبشر وتهريب النساء والأطفال من دول آسيوية وافريقية واستخدامهم في التسول وفي أعمال مهينة للكرامة الإنسانية أو تنطوي على استغلال لهم. ولكن الأجدر بأمريكا أن تتأكد أولاً أنها، هي نفسها، لا تسيء إلى الناس ولا تمتهن كرامتهم. فمن العيب أن تنتقد الآخرين على تصرفات لم تتثبت منها في حين أن المخالفات الأمريكية لحقوق الإنسان واضحة وذلك بشهادة الأممالمتحدة وبشهادة العديد من الخبراء المحايدين، ومن بعض الكتاب والإعلاميين الأمريكيين. إن الاتهامات الأمريكية ضد السعودية في موضوع تهريب النساء والأطفال والاتجار بالبشر يمكن تفنيدها بكل سهولة. لكن الشاهد هنا، هو أن الأحرى بأمريكا أن تهتم بتعقب انتهاكات حقوق الإنسان التي تقوم هي فيها بدلاً من أن تدس أنفها في شؤون الآخرين بعد أن أعطت لنفسها الحق بأن تكون ولي أمر العالم.