إن مفصل الكتف ذو أهمية تختلف عن المفاصل الأخرى للجسم وذلك لأنه يتمتع بقدر كبير من الحركة التي يحتاجها الإنسان من القيام بالأعمال والنشاطات اليومية. هذا القدر الكبير من الحركة يأتي على حساب الثبات في المفصل ويتطلب مجهوداً إضافياً من الأربطة والعضلات والأوتار التي تحيط بمنطقة مفصل الكتف. ومفصل الكتف كما هو معروف يقع عند التقاء الجزء الأعلى من عظمة الذراع بالجزء الخارجي من عظمة لوح الكتف. ويعتمد هذا المفصل في الحصول على الثبات والقوة من العضلات والأوتار والأربطة. ولكن نتيجة الحركة المرنة في هذا المفصل ونتيجة استخدام الكتفين في النشاطات اليومية والأعباء اليومية بشكل كبير فإن كل ذلك يضع هذه الأوتار والعضلات تحت ضغوط ويجعلها عرضة للتمزق والتهابات الأوتار. ومن أهم العضلات والأوتار التي يستخدمها الإنسان لتحريك مفصل الكتف ولتحريك الذراعين هي عضلات وأوتار مخدة الكتف التي تعبر من عظمة لوح الكتف وتمر عبر قنوات في هذه العظمة ثم تتصل بالجزء الأعلى من عظمة الذراع بشكل قوي وتساعد على تحريك هذه العظمة وخصوصاً عند رفع الذراع للأمام أو للخلف أو جانباً أو عند رفعها فوق الرأس. وهذه العضلات والأوتار مهمة جداً عند تنفيذ هذه الحركات فلا يستطيع الإنسان دونها أن يقوم بتحريك الذراع للأمام أو إلى الخلف أو رفعها إلى الأعلى كما يحدث عند التقاط الأشياء من الخزانة أو عند القيام بغسل الشعر أو غسر ذلك من الأنشطة التي تتطلب رفع الذراعين فوق مستوى الرأس. ألم متواصل بحاجة الى تشخيص تمزق أوتار الكتف في الواقع أن هذه حالة طبية شائعة وموجودة وتصيب الكثير من الناس في جميع فئات العمر. ففي فئة الشباب والرياضيين فإن تمزق أوتار الكتف عادةً ما يكون نتيجة إصابة مباشرة لمنطقة الكتف أو غير مباشرة لمنطقة الكتف عن طريق إصابة إلى الذراع أو إلى اليد بحيث ينتقل الضغط والقوة الناتجة إلى منطقة الكتف. هذا السيناريو يحدث خلال السقوط عند ممارسة الأنشطة الرياضية مثل ممارسة كرة القدم أو غيرها من الرياضات وأيضاً قد يحدث نتيجة الحوادث المرورية أو إصابات الكتف التي تنتج عن الرياضات التي تتطلب الاحتكاك المباشر مثل رياضات الجودو أو الكراتيه أو غير ذلك. أما في كبار السن فإن السبب وراء قطع أوتار الكتف قد يكون نتيجة إصابة مباشرة كالتي ذكرناها سابقاً أو قد يكون نتيجة القيام بمجهود مفاجئ لحمل الأثقال أو لرفع اليد أو نتيجة إصابة بسيطة مثل الوقوع على الأرض والذراع ممدودة في دورة المياه أو السقوط من أعلى الدرج. وبغض النظر عن السبب وراء هذه الحالة فإن المحصلة النهائية هي تمزق جزئي أو كلي في أوتار الكتف ما يؤدي إلى خلل في وظيفة هذه الأوتار وبالتالي يؤدي إلى خلل في حركة الكتف وعمل الأنشطة التي تتطلب تحريك الذراعين. الأعراض والتشخيص عادةً ما يكون هناك تاريخ مرضي لسبب الإصابة التي أدت إلى تمزق الأوتار. بالإضافة إلى ذلك فإن المريض أو المريضة يشتكيان من آلام مبرحة في منطقة الكتف وقد يكون هناك تورم في منطقة الكتف جراء السقوط عليها ولكن العلامة المهمة جداً في تشخيص هذه الحالات هي فقدان القدرة جزئياً او كلياً على تحريك مفصل الكتف بشكل طبيعي وعلى رفع الذراع إلى الأمام وإلى جانباً عند مقارنتها بالكتف السليم. وعندما يقوم الطبيب المعالج بتحريك هذه المنطقة فإن المريض أو المريضة يشعران بآلام مبرحة فيها وحتى عندما يساعده الطبيب على رفع الذراع إلى أعلى فإن المريض لا يستطيع إبقاء الذراع في هذه الوضعية وتقوم الذراع بالسقوط فوراً عندما يتركها الطبيب أو الممرض الذي يحركها. وفي هذه الحالات يجب على الفريق المعالج التأكد من عدم وجود خلع في مفصل الكتف كما يحدث في بعض حالات تمزق أوتار الكتف. ويتم اللجوء إلى عمل أشعة سينية للتأكد من عدم وجود هذا الخلع في الكتف وللتأكد من عدم وجود أي كسور في العظام التي تكون مفصل الكتف. وبعد ذلك يتم إعطاء المريض أو المريضة جرعة مناسبة من الأدوية المسكنة ويتم طلب فحص أشعة الرنين المغناطيسي التي هي ذات أهمية قسوة في تشخيص هذه الحالات حيث أنها تبين بوضوح مكان وحجم القطع بالوتر وإذا ماكان قطعاً بسيطاً أو قطعاً كاملاً وإذا ماكان هناك تمزق في الأوتار الأخرى المحيطة بالكتف. الخطة العلاجية في البداية فإنه يتم إعطاء المريض المسكنات اللازمة وربطة طبية حتى تقل الآلام الحادة التي تحدث في بداية الإصابة. وبعد ذلك تبدأ الخطة العلاجية والتي تعتمد على شدة التمزق والقطع في الأوتار. وفي الحالات التي يكون القطع بسيطاً أو غير كامل والتي تحدث في كبار السن وغير الرياضيين يمكن البدء باستخدام الأدوية المضادة للالتهابات والأدوية المسكنة والأدوية المرخية للعضلات وعمل جلسات العلاج طبيعي على أمل أن تتحسن وظيفة الكتف وتزداد القوة والحركة مع الوقت. أما في الحالات التي تصيب الأشخاص الرياضيين والذين هم في مقتبل العمر وخصوصاً الذين تكون لديهم الإصابة أو القطع في الوتر كاملاً وتؤدي إلى فقدان القدرة على تحريك الذراع ورفع اليد فإن التدخل الجراحي يكون ضرورياً لعلاج هذه الحالات. وعادةً ما يتم التدخل الجراحي عن طريق عملية جراحية يتم أثناءها إعادة أجزاء الوتر المقطوع إلى بعضها البعض وبعد ذلك تتم خياطتها بخيوط طبية عالية الجودة مخصصة لهذا الغرض. وبعد الجراحة التي عادةً ما تستغرق الساعة إلى الساعة والنصف يتم وضع الذراع المريضة في رباط طبي لمدة ستة أسابيع حتى يلتئم الوتر. وبعد الستة أسابيع تبدأ مرحلة العلاج الطبيعي المكثف الذي يكون الهدف منه هو إعادة المرونة والحركة لمفصل الكتف وإعادة القوة إلى العضلات والأوتار المحيطة بالكتف. وتبلغ نسبة نجاح هذه العملية فوق 90% وتكون نسبة نجاحها أكبر إذا ما تم التدخل الجراحي مبكراً قبل أن تلتصق الأوتار المقطوعة بالأجزاء الأخرى من منطقة الكتف وقبل أن تضمر هذه العضلات والأوتار في منطقة الكتف. النصائح والتوصيات في الواقع أن هذه الإصابات موجودة وشائعة وعندما يتم تشخيصها متأخراً أو إهمال العلاج وخصوصاً في حالات القطع الكامل فإن ذلك يؤدي إلى نتائج سلبية حيث أن العضلات المحيطة بالكتف تضمر وتضعف وكذلك فإن المفصل نفسه يبدأ بالتيبس وتصبح النتائج الجراحية أقل نجاحاً. ولذلك فإنه من المهم جداً التنبه بهذه الحالات وتشخيصها مبكراً ومعرفة مدى الإصابة ومدى الأنشطة التي يرغب الشخص المصاب بالعودة إليها وبعد ذلك وضع خطة علاجية مبكرة لضمان عودة الشخص الرياضي إلى ممارسة أنشطته بأقرب فرصة.