"فوبيا القيادة" شعور بالخوف والقلق من قيادة المركبة، حيث تُعد مشكلة لا يمكن إنكارها أو تجاوزها بدون معرفة الأسباب، والتي غالباً ما تكون نتيجة موقف مؤلم أو منظر لحادث بشع. ويُعاني بعض الأشخاص من بناء نفسي هش، يجعله لا يملك الشجاعة أو الجرأة للوقوف خلف المقود، خاصةً وسط الزحام المبالغ فيه -والذي تُعد القيادة فيه أمراً مزعجاً للآخرين فما بالك بالمتخوفين-؛ الأمر الذي يُحتم اللجوء إلى جلسات العلاج السلوكي المعرفي، وذلك عن طريق المواجهة، أو ما يسمى التعرض التدريجي للمؤثر، بمساعدة صديق أو مختص، حتى يتخلص الشخص من مشاعر الخوف والقلق، كما أنه تبرز الحاجة إلى استخدام العلاج الدوائي -اذا كانت الحالة تستدعي ذلك- وتحت إشراف طبي وبجرعات محددة، ولا ننسى أهمية تمارين الاسترخاء، التي تساعد على التغلب على التوتر والقلق، وأثبتت فاعليتها في الكثير من الحالات، ومهما كانت أنواع العلاجات تبقى أهمية العزيمة لدى الشخص، من خلال التوكل على الله، ومعرفة أنه لن يصيبه إلاّ ما كتبه الله له. "الرياض" تطرح الموضوع وتناقشه، فكان هذا التحقيق. رجال لا يملكون الشجاعة للجلوس خلف «المقود» خوفاً من الحوادث والزحام..وفوضى السير معاناة مستمرة في البداية قال "عبد المحسن المطيري" -47 عاماً-: إنه يعاني من "فوبيا" القيادة منذ الصغر وحتى وقتنا الحاضر، مضيفاً أنه تأثر كثيراً بوفاة أحد الجيران بسبب حادث مروري، ومنذ ذلك الحين وهو يكره قيادة السيارات، بل والتعامل معها تحت أي ظرف، مشيراً إلى أنه لم تفلح محاولات والده وإخوته لتجاوز هذه العقدة، ذاكراً أن جميع أشقائه الأصغر منه عمراً تعلموا قيادة السيارة وخدموا أنفسهم والأسرة فيما بعد، مبيناً أن والده -رحمه الله- حاول جاهداً إخراجه من هذه المعاناة، وبذل جهداً كبيراً في هذا الموضوع، حيث ذهب به إلى أحد الأطباء النفسيين، ومع ذلك لم تفلح المحاولة. وبسؤاله عن كيفية قضاء التزاماته ومسؤولياته أجاب: اعتمدت في مرحلة الجامعة على أحد أبناء الجيران الذي كان يدرس معي في نفس الكُلية، وبعد تخرجي وحصولي على وظيفة أمنت سائقاً خاصاً لي. فوبيا القيادة أجبرت البعض على جلب سائقين خاصّين زحمة مخيفة وعن رؤيته لتفادي أزمته في المستقبل أكد "المطيري" على أنه تجاوز المراحل التي كان يحتاج فيها إلى "مشاوير" مهمة مثل الدراسة في الجامعة أو ماشابهها، أما في الوقت الحالي فوجود السائق حل هذه الاشكالية، مبيناً أنه لن يفكر في القيادة أبداً في ظل تنامي الحوادث وازدياد عدد السيارات في شوارع المدينة التي يسكن فيها!، لافتاً إلى أنه طالته بعض الأوقات الحرجة والصعبة في فترة مضت من عمره، وحالياً يحمد الله على عدم قيادته للسيارة، بسبب ما رأى وسمع عن حوادث قاتلة ذهب ضحيتها الكثير من الأبرياء والأصدقاء. وأوضح "سعد العبدالله" -طالب جامعي- أن ما يحدث في الشوارع من حوادث أليمة ومرعبة وزحمة مخيفة، جعلته يكره قيادة السيارة، بل وبثت الرعب في نفسه، الأمر الذي جعله يوكل القيادة لأحد أخوته أو أصدقائه، والذين يضطرون إلى توصيله إلى الجامعة يومياً، مضيفاً أنه ربما تتغير حالته، وتخف درجة الخوف لديه، إلاّ أنه ليس متأكداً من ذلك. الحوادث المرورية سبب رئيس للخوف من القيادة توتر وخوف وقال "سلمان عطا الله": إن سبب خوفه من القيادة هو الزحمة المرعبة والحوادث البشعة التي يراها بين الحين والآخر، والتي ولدت في نفسه شعوراً بالرعب، مضيفاً أنه في إحدى المرات حاول القيادة، إلاّ أنه بمجرد سيره لمسافة بسيطة شعر بتوتر وخوف شديد؛ الأمر الذي جعله يتوقف، مشيراً إلى أنه ومنذ ذلك اليوم لم يُكرر المحاولة، بل ولا يريد أن يضع نفسه في وضع محرج أمام الآخرين. وذكر "مساعد المحمد" -26 عاماً- أنه مضت السنوات ولم يجد في نفسه الرغبة الحقيقة بقيادة السيارة، مؤكداً على أنه وجد صعوبة بعد أن حصل على وظيفة في أحد المصانع، إلاّ أنه تغلب على ذلك بالاستعانة بسائق أجرة، مشيراً إلى أن الكثير يعتقد أن عدم قيادتي للسيارة بسبب الظروف المادية، ويستغربون عندما تكون الإجابة هي عدم رغبتي!. طبيب مختص وأوضحت "أم يوسف" أن زوجها يتخوف كثيراً من قيادة المركبة، مضيفةً أن الغريب في الأمر هو أنه في السابق كان يقود السيارة بدون قلق أو خوف، ولكن منذ ما يقارب الخمس سنوات الأخيرة بدأت معه حالة التوتر والقلق، وبمجرد إمساكه للمقود يبدأ التوتر واضحاً على وجهه، بل ويداه ترتعشان، حتى زادت بشكل مخيف، مما أدى به إلى العزوف عن القيادة نهائياً، مبينةً أنه على الرغم من إصرارها الشديد عليه ليتجاوز مخاوفه ويتغلب على أزمته بعرض نفسه على طبيب مختص يساعده في السيطرة على قلقه وتوتره، ويتمكن من علاج مشكلته، إلاّ أن محاولاتها كانت دون جدوى، لافتةً إلى أن ذلك جعلها تعتمد على السائق في جميع "مشاويرنا"، كما أنه يتولى أيضا توصيل زوجها إلى عمله. تفكير سلبي وتحدث "مصطفى محمود" -مستشار نفسي- قائلاً: إن الرجال الذين يخشون قيادة السيارة لديهم "فوبيا القيادة"، وهي لها أنواع كثيرة ومتعددة، وهي تفكير سلبي يطغى على عقل الشخص ويؤثر في أعصابه، مما يسبب له خوفاً من شيء ما، كالخوف من البحر، أو الأماكن العالية، أو الظلام، وقد تكون نتيجة موقف ما، أوقصة معينة أثرت في المتلقي وسبّبت له ردة فعل عكسية بقيت معه فترة من الزمن، مبيناً أن "فوبيا القيادة" يعاني منها بعض الرجال، وتشكل لهم عبئاً كبيراً، ومن أسبابها الإضطراب النفسي الكبير، نتيجة مشاكل "فسيولوجية" متعددة، والتي قد يكون منها رؤية حادث مرعب، ومنظر بشع، أو وقوع حادث للشخص خلّف لديه رهبة القيادة، وقد يكون السبب تركيبة الشخص النفسية، مشيراً إلى أن بعض الأشخاص لديه بناء نفسي هش، ولا يملك شجاعة وجرأة تؤهله للوقوف خلف المقود، خاصةً وسط الزحام المبالغ فيه، والذي تُعد القيادة فيه أمراً مزعجاً. جلسات علاج وأوضح "د.مصطفى" أن العلاج الأنفع لحالات "الفوبيا" هو جلسات العلاج السلوكي المعرفي، وذلك عن طريق المواجهة، حيث يتم فيه التخلص من الخبرات السابقة، والتمكن من السيطرة على الانفعالات النفسية، وكذلك تجاوز المشكلة بما يسمى التعرض التدريجي للمؤثر، وهو الشيء الذي يخشاه الشخص، مضيفاً أن التعرض التدريجي يتم بمساعدة صديق أو مختص، وبذلك يستطيع المريض التخلص من مشاعر الخوف والقلق تجاه موقف ما، ذاكراً أنه لا بأس من استخدام العلاج الدوائي اذا كانت الحالة تستدعي ذلك، مشيراً إلى أن استخدام الدواء تحت اشراف طبي بجرعات محددة، إضافةً إلى تمارين الاسترخاء، يساعد على التغلب على التوتر والقلق، وأثبتت فاعليتها في الكثير من الحالات. وأضاف: على الشخص المصاب بفوبيا قيادة السيارة أن يغلب الجانب الايماني لديه، ويتوكل على الله، ويعرف أنه لن يصيبه إلاّ ما كتبه الله له، إلى جانب إكثاره من ذكر الأذكار، ودعاء الركوب، موضحاً أن كل ذلك سيساعده -بإذن الله- على أن يكون أكثر ارتياحا وثقة ويجعله يتغلب على مشكلته.