على الرغم من قيادة السيارات للشباب، وما دون ذلك، باتت حسب المصطلح العامي «أسهل من شرب الماء»، إلا أن هناك فئة لا تعد وإن كانت تحصى، لا تعرف للقيادة بابا، ولا تستطيع الاقتراب أو تصور نفسها خلف مقود القيادة. وإن كان «كل ميسر لما خلق له»، إلا أن هاجس عدم القيادة بات في الوقت الراهن أمرا مقلقا لدى شريحة كبيرة منهم، الأمر الذي جعل كثيرا من أحلام الشباب في مهب الريح. إلا أن الملحوظ مؤخرا أن موضوع قيادة السيارة تحول إلى شرط مهم للزواج، حيث بادرت بعض السيدات برفض الارتباط بشاب مهما كان عمره، إذا لم يحسن قيادة السيارة، باعتبار أنهن عانين كثيرا قبل الزواج من هذه القضية، فعلقن آمالهن بأزواجهن، وحسب إحداهن «نشعر بالإذلال كثيرا عندما أطلب من إخوتي في البيت إيصالي إلى السوق أو الجامعة، فكل آمالي وأحلامي ترتكز على الزوج الذي سيحقق لي جميع أحلامي، بما فيها التنزه بالسيارة». فوبيا القيادة ولم يتمكن الشاب عايش الرويدي، 25 عاما، من كسر حاجز الخوف من قيادة السيارة حتى اللحظة، فهو ما زال يحاول تعلم القيادة، إلا أن الخوف يتملكه في كل مرة يقرر فيها القيادة.هذا الخوف جعل حياة عايش تعتمد كثيرا على الآخرين في إنجاز كثير من المهام، خصوصا إذا قرر أن يعيش فترة الشباب في التنزه والرحلات، فهو لا يعرف القيادة ومن باب أولى أنه لا يمتلك سيارة «ليس لأني لا أعرف أساسيات القيادة، لكن لأنني وبصراحة أخاف منها».هذا الأمر أزعج عايش كثيرا فهو يخشى أن يصل إلى مرحلة الزواج ولا يتقن القيادة. وكشف الرويدي أن إخوانه دائما ما يعايرونه لأنه لا يعرف القيادة «مرحلة الزواج تجبر الإنسان على وجود سيارة معه لأنه يحتاجها كثيرا خصوصا مع احتياجات المنزل، مبديا امتعاضه أن يصل إلى هذه المرحلة، وهو لم يتعلم قيادة السيارة «لا أتخيل نفسي بعد الزواج أن تكون عندي سيارة خاصة وسائق يقودها»، مشيدا بزملائه من حوله وإخوانه الذين ساعدوه كثيرا في إنجاز الكثير من المهام والاحتياجات الخاصة به. شاب آخر يحسن التعامل مع السيارة، غير أنه أصيب بعقدة نفسية من القيادة بعد أن تعرض لحادث مروري قبل عامين أعاقه عن مواصلة القيادة، حيث تعلم مؤمن الحديثي 24 عاما القيادة وأحبها «لأنها جعلتني أعيش حرا طليقا، متى ما أردت الخروج خرجت، وأذهب إلى أي مكان أشاء، إلا أنني في إحدى المرات ارتطمت إحدى السيارات مما تسبب في حادث أليم، بعدها قررت ترك القيادة لأني كلما حاولت أن أقود السيارة أجد صوت الحادث في أذني فلا أستطيع التحمل، ولعل هذا الحادث حرمني كثيرا من متعة القيادة، فصرت لا أستطيع التحكم بأوقاتي ولا الخروج مع زملائي إلا من خلال أحدهم. يوم واحد زين العابدين محمد شاب تزوج قبل 8 سنوات، يجد حرجا كبيرا مع زوجته بسبب عدم قيادته للسيارة، حيث امتنع عن الخروج المتكرر بصحبة زوجته والسبب أنه لا يحسن قيادة السيارة «حاولت كثيرا تعلم القيادة بأكثر من طريقة ولكن دون جدوى، كما قررت أكثر من مرة تعلمها بوسائل متعددة لما لها من أهمية بالغة في حياتي، خصوصا بعد الزواج، إلا أن جميع هذه المحاولات باءت بالفشل». شرط الزواج من جهتها، قرنت إحدى السيدات زواجها بالرجل الذي يحسن قيادة السيارة. وأوضحت سميرة الحسن أن المرأة تحتاج كثيرا إلى زوج يمتلك سيارة خاصة به، ومن غير المنطقي أن تكون المرأة ممنوعة من القيادة وتجد زوجها لم يتعلم قيادة السيارة «نشعر بالإذلال كثيرا عندما نطلب من إخواننا في البيت إيصالنا إلى السوق أو الجامعة وغيرها، فكل الآمال والأحلام ترتكز على الزوج الذي سيحقق لنا جميع أحلامنا وأمانينا، ومن أهم الشروط عندي أن يكون زوجي يملك سيارة خاصة به، ولن أطلب أن تكون سيارة فارهة، إنما يهمني في ذلك أن تكون عندي استقلالية تامة عندما أريد الخروج من المنزل». واعتبر الاختصاصي النفسي الدكتور شريف عزام ابتعاد بعض الشباب عن قيادة السيارات ناتجا عن الخوف من القيادة أو الخوف من نتائجها السلبية. واعتبر عزام الشخص القادر على القيادة وجاءته عقدة نفسية منها، قد يؤثر ذلك على حياته العامة وسلوكياته مع الناس والأشياء من حوله، وبعض هؤلاء الأشخاص قد يفقدون الثقة في أنفسهم نتيجة لهذا الخوف الذي تعرضوا له جراء حادث مروري مثلا، في حين أنه كان يملك ثقة كبيرة قبل الحادث