مدخل للشاعر سعد بن جدلان : ودنا بالطيب بس الدهر جحّاد طيب كل ما تخلص مع الناس كنك تغشها يدك لامدت وفا لا تحرّى وش تجيب كان جاتك سالمه حب يدك وخشها الحياة .. نعيشها مع الآخرين والقرب منهم فكل إنسان له طباعه النفسية وسلوكياته التي يتصف بها بشكل عام ويختلف كل شخص عن الآخر في تعامله وطباعه ، ونجد أناساً طباعهم طيّبة وناساً أشراراً وناساً طيبين والجميع نتعامل مهم على محمل الطيبة وحسن النيّة وبعضهم لا نعلم عنهم فقد يكونون من الأشرار ويتبيّن لنا كيدهم ودهاؤهم ، وربما تصدر منهم مضايقات تزعجنا من تصرفات كيدية لا تصدر إلا من أناس عدوانيين مرضى أنفس .. لذا حذر الشعراء من أمثال هؤلاء ومن غدرهم وكيدهم في بعض المواقف خاصة الصعبة التي يتضح فيها المعدن الحسن من السيئ كما يقول الشاعر مسفر بن سعيد بن فرحان الحبابي : الحنظله ما تبنت الخوخ .. والتين والسرح ما يجنا العسل من صنوفه والبيت ما يعتز والساس من طين لو دام ما دامت جدادٍ سقوفه حكمة وأمر من كون الكون تكوين مواهبه هرج الفتى سر جوفه ادري وغيري وأكثر الناس دارين وما شفت مثلي فيه ناسٍ تشوفه فالناس متقدي .. وفالناس غاوين ومن تاه ما تخفى العوارف وصوفه وبدون شك أن التعامل الطيّب والجيّد مع الناس يمثل شخصية الإنسان الحقيقية .. والعاقل في هذه الدنيا هو الذي يعرف كيف يتعامل مع الآخرين فيكون تعامله بلين الجانب وحسن المعاشرة حتى يكون شخصاً محبوباً لدى الجميع ، خاصة عندما يتطلب الأمر مراعاة مشاعرهم وأحوالهم فبعض الأشرار من الناس قد يكون قريباً أو صديقاً أو حكمت ظروف بقربهم – أبعدهم الله عنّا وعنكم – ففي مثل هذه الأحوال لابد أن يتحامل الإنسان على نفسه ويكبح جماح الغضب فقد حثنا ديننا الإسلامي على المحبة والتسامح ونبذ المشاحنات وعدم المضايقات فيما بيننا وتوجيهنا لكل ما فيه خير من مودة وتعاضد وتآخٍ وتآلف وقد عبر عن مثل هذه الحالة الشاعر عبدالله بن صقيه التميمي بقوله : لا تقتدي بأهل العقول الضعيفات من طاوع اشوار المقاريد تاها أنذرك عن مس الحبال الكريبات وبحث الجحور المظلمات بفضاها إن من جمال الإنسان هو ملاطفة الآخرين وعدم كشف عيوبهم فمن يسيء في كلامه ويقصد الشر لا الخير ويصدر منه بعض الكلمات في قوالب غير مفهومه يسيء بها إساءة بالغة بالآخرين يكون بهذا التصرف الغريب قد خالف الصواب والنتيجة حتماً سوف تكون عكسية فالإنسان المستقيم العاقل الواثق من نفسه ليس في حاجة لمثل هذه التصرفات غير اللائقة والذميمة خاصة أن مثل هذه التصرفات المشينة تسبب الأذى والمشاحنات وآلام الآخرين ويكون وقعها في النفس مؤلماً واشد فتكاً من الطعون ويصعب الزمان أن يمحي مثل هذه الطعون ومن الشعراء الذين ترجموا عن مشاعر مؤلمة باح بها لنا الشاعر متعب التركي بمشاعر نبيلة نابعة من قلب كريم متسامح : عانيت وأدري كل طيّب يعاني وعلى حساب طعوني الخضر جاملت ياما خذوا مني .. ولا أحدٍ عطاني من طيبتي في حق نفسي تساهلت عزاي لامنه تجهم زماني يممت وجهي للكريم وتوسلت والواجب علينا في مجتمعنا الإسلامي الوقوف مع الحق في جميع الحالات مهما كلف الأمر وتحذير هؤلاء الأشرار من إقدامهم على أعمال الشر فإن أسوأ شيء في هذه الحياة هو معاداة الآخرين بغير حق .. نعم أقولها بمرارة وأسى وأعيدها هو معاداة الآخرين بغير حق ، فمن يقدم على هذا العمل حتماً يجد العواقب وخيمة وكذلك سوف يجد نفسه في النهاية إنساناً مكروهاً - اللهم لا تجعلنا من المكروهين – ومن الواجب علينا أن نعيد الحق لأصحابه ، ومحاولة تعديل مسار الأشرار للطريق السليم والتخاطب معهم وأن نوضّح لهم مرادهم ومتطلباتهم بالتفاهم فإن الكلام الطيّب والجميل ينبع من الأعماق ويصدر من ثقة بالنفس واقتناع تام لا يندم عليه قائله أبداً ، وفي أي حال من الأحوال بالعكس يزيد قائله وقاراً وجمالاً وتميزاً ويرفع رصيد محبّته لدى الجميع عكس الكلام البذيء الذي ينفّر الناس منه ويتجاهلونه فقد قيل : ( إن المرء يكتب أحسن ما يسمع ، ويحفظ أحسن ما يكتب ، ويتحدث بأحسن ما يحفظ ) .. ومن واقع التجربة ودرس الحياة الصعب تقول الشاعرة فتاة نجد : يا من عتابك فيه نظره وتلميح قلب الوفا مهما قسا ما جرحته ودرس الحياة بكل حزن وتفاريح إن ما تعلمت الخطأ ما نجحته عندي يقين فيه ل اللبس تصحيح طوّعت فيه المستحيل وربحته ومن فضل ربي وأمر السحب والريح عليّ باب المدعي ما فتحته وعن طيبة وجيه الزمان المفاليح ألغيت مفهوم الملام وشطحته والصبر في صمته دوا للتباريح منّه تعلّمت الكثير ومنحته