لا يخلو أي ملتقى زراعي من الحديث عن التسويق الزراعي وهمومه والصعوبات التي تواجهه والعراقيل التي تحد من انطلاقته!! فكم من الندوات التي بحثته بحثاً متكاملاً لجميع عناصره ومقوماته؟! وكم من الآراء التي طرحت؟! وكم من الحلول التي وضعت على طاولة وزارة الزراعة؟! وكم؟! وكم؟! ولذا فإن الجمعيات التعاونية الزراعية هي الحل الأمثل والأجدى في ظل تكبد المزارع لخسائر جسيمة وفادحة.. إذ إن آثارها السلبية تضعف طموحه وتقتل آماله!! وخلال هذا الأسبوع يتعايش المزارعون في منطقة القصيم مع احتفالية انتظرها القطاع طويلاً.. فجمعية البطين الزراعية تحتفل بتدشين مشروعها الاستراتيجي بإقامة مستودعات تبريد تجاوزت كلفتها ثلاثين مليون ريال الهدف منها حفظ المنتجات الزراعية بعيدة عن التلف عقب استقبالها من المزارع وإعدادها بطرق حديثة وتسويقها بما يعود بالنفع عليه، وتلك الاحتفالية التي ستحظى برعاية سمو أمير المنطقة وحضور عدد من الوزراء تؤكد ذلك الاهتمام بتلك الخطوة «الجريئة» وأنموذجاً مثالياً حان الوقت بأن يتم الأخذ به في مناطق المملكة المختلفة خاصة وأن البنك الزراعي «الممول الرئيسي للأنشطة الزراعية» يدعمها بشروط ميسرة مثلما قدم الدعم المتكامل والمساندة القوية لمشروع «جمعية البطين» وإن كنا نتطلع للمشروع الآخر بمنطقة جازان والذي حظي بقرض زراعي يقارب الثلاثين مليون ريال.. فالجمعيات الزراعية وبحسب الدراسات والاستطلاعات المختلفة تهدف بالدرجة الأولى لتحقيق المصالح المتجانسة لشريحة من القطاع الحيوي، بعكس الشركات التي يغلب عليها الطابع التسويقي والتي قد لا ينتمي المنتسبون لها لقطاع المنتجين في المجالات الزراعية والحيوانية والسمكية إذ إن هدفهم بالدرجة الأولى تحقيق أعلى المكاسب من الأرباح وهذا حق مكتسب لهم طبقاً لأهداف الشركة.. بل إن هذه المكاسب وإن تحققت فقد تكون على حساب هؤلاء المنتجين وهو ما يفرق الجمعيات عن غيرها التي تسعى لتسويق منتجات أعضائها بأسعار جيدة، والجانب الذي يجب التأكيد عليه طالما الحديث عنها، بأن تكون ذات كيانات اقتصادية منتجة وألا يكون الانطباع السائد بأنها مجرد جمعيات خيرية.. فلا بد أن تكون إحدى الأدوات الهامة لأدوات التنمية الاقتصادية والاجتماعية للأفراد ذوي الفرص والموارد المحدودة نوعاً ما، كما أن المطالبات مستمرة بأن تتم إعادة النظر حول نظامها الذي عفى عليه الزمن!! وأصبح من ذكريات الماضي، فحتى تؤدي أدوارها بما يتفق والحاجة لها في الوقت الراهن وبما يحقق لها النمو المستمر لاستكمال عملياتها المختلفة، ولعله من المناسب أيضاً عقد دورات متخصصة للعاملين بها، فالبعض يتقدم لها وبشكل تطوعي ومن تلقاء نفسه.. رغبة في تقديم خدمة للمزارعين ولكن قد يفتقد للأسس والمبادئ الرئيسية للعمل التعاوني ويظل عمله اجتهادات شخصية بحتة وحماساً تنقصه مقومات يجهل كثيراً وفي زاوية أخرى لها ارتباط بالفقرة السابقة يجب توعية المزارعين «البسطاء» بأدوار وأهداف هذه الجمعيات والخدمات التي تقدمها والنتائج الإيجابية التي تعود عليهم جراء الانضمام لها!! فخلال استطلاع قامت به إحدى المديريات الزراعية فوجئ القائمون عليه بأن الجهل والأمية «التعاونية» تغلف تفكيرهم!! وأخير نعاود التذكير بأن المنتجات الزراعية سريعة التلف خاصة في ظل أشعة الشمس الملتهبة وارتفاع درجات الحرارة.. وبالتالي فإنها تحتاج إلى جهد مضاعف خلال المراحل التسلسلية المعروفة من نقل وتجهيز وبيع وإذا كان بها الفرد لوحده دون عون أو مساندة أو أوكل تلك المهمة للوسطاء «الشريطية» فإنه لن يجني إلا هموماً ومتاعب جمعة.. فلنكثف إقامة الجمعيات الزراعية ونمنحها الفرص الحقيقية ولنبحث بهدوء أوضاع الجمعيات القائمة لتساير الركب.. فالمركب واحد في بحر تتلاطمه الأمواج والرياح العاتية!!