مازال منتدى الاثنينية الذي يرعاه الأديب عبدالمقصود خوجة يغدق على الحركة الثقافية السعودية، من خلال احتفائه بالأدباء وتكريمه للعلماء ودعواته المتواصلة المناشط الثقافية التي تقام في جدة، وتتبلور قمة التكريم والاهتمام بطبع الكتب لكوكبة من ألمع الأصوات الثقافية محلياً وعربياً عبر طباعة باذخة تأتي في حلة قشيبة وإخراج متميز وعناية فائقة ولعل آخر ما أسدته الاثنينية من مصنفات للمكتبة العربية هي الأعمال الكاملة للأديب والرائد الأستاذ أحمد السباعي والتي خرجت في ستة مجلدات جاءت في أكثر من (3000) صفحة حوت كل أعماله الخالدة في التاريخ والرواية والمقالة والأمثال الشعبية والقصة والمناهج الدراسية والسيرة الذاتية والكتابات التي خصها للحج والطوافة، وهي دلالة واضحة على تنوع وتعدد مواهب الشيخ السباعي في الكتابة في كل فنونها، وتقدم لنا مفهوم الأديب الشامل وهو ما امتاز به جيل الرواد في الأدب السعودي. الأديب عبدالمقصود خوجة يقول ناشر الأعمال الكاملة الشيخ عبدالمقصود خوجه في معرض تقديمه لمؤلفات السباعي: سعيد أن أهدي القارئ الكريم عصارة جهود أستاذنا الكبير المبرورة راجياً أن يصلهم فكره وأدبه في صورة تليق به بعد أن تناثر لسنوات طوال في إصدارات متعددة، إن توفر نزر منها فإن جلها أصبح في عداد النادر. هذا وقد انطوت الأعمال الكاملة على جمهرة من مؤلفات السباعي المتنوعة وهي (خالتي كدرجان) مجموعة قصصية، (الأمثال الشعبية في مدن الحجاز) جمع من خلاله طائفة من الأمثال المتداولة في مكةوجدة والمدينة المنورة مرتبة حسب حروف الهجاء، (قال وقلت) مقالات متنوعة (سباعيات) وجاءت في جزءين وهو في مجمله مقالات في الشأن العام، (أوراق مطوية) مقالات تاريخية وسياسية، (أيامي) وهي أول سيرة ذاتية في الأدب السعودي حيث صدرت عام 1374ه في القاهرة بعنوان أبو زالم، (دعونا نمش) مقالات وهو كتاب حظي بإعجاب الملك فيصل رحمه الله، (يوميات مجنون) قصص، (فلسفة الجن) قصص نحت منحى فلسفياً، (تأريخ مكة - جزءان) وهو كتاب تناول من خلاله دراسات في السياسة والعلم والاجتماع والعمران، وهو كتاب يأتي في الصدارة من الكتب التي ألفت عن مكة بل إنه كان مرجعاً هاماً لكل من كتب عن مكةالمكرمة أو عن الحجاز عموماً أو عن ولاتها أو عن الحج ناهيك عن الدراسات العليا في الجامعات التي اعتمدت عليه فكان في قائمة مراجعها، ما جعله يصل في طبعاته إلى الطبعة الثامنة فارضاً مصداقيته التاريخية على الدراسين، (فكرة) وهي رواية تجسد واقع المجتمع تجسيداً أميناً كما تصدر البيئة البدوية في طبيعتها تصويراً رائعاً وذلك من خلال شخصية خيالية وبأسلوب ممتع شيق، (المرشد إلى الحج) دون فيه كيفية أداء الحج وما ينبغي أن يفعل المسلم إذا نوى الحج والعمرة، (مطوفون وحجاج) وهي رواية تبرز دور بطلها حسن الذي نشأ في بيت عريق يعمل بمهنة الطوافة، (سلم القرءاة - الجزء الأول - الرابع - السادس) وهو كما هو ظاهر كتاب في أجزاء متعددة لتعليم التلاميذ القراءة والكتابة إضافة إلى ما حمله من نصوص شعرية وقطع نثرية اختارها السباعي بعناية لتواكب مسيرة التعليم في تلك الفترة. يذكر أن الأديب الشيخ أحمد السباعي من مواليد مكةالمكرمة عام 1323ه والتحق في طفولته بالمدرسة الهاشمية درس فيها القراءة والكتابة والخط والحساب وأتم حفظ القرآن الكريم كاملاً ثم أكمل دراسته بالمدرسة الراقية بجبل هندي واضطر إلى ترك الدراسة النظامية بعد وفاة والده فعمل في مديرية التعليم مدرساً عشر سنوات، وقد عكف خلال هذه الفترة على قراءة كتب الأدب والتاريخ والشعر والنحو، بدأ نشر مقالاته في صحيفة صوت الحجاز ثم ما لبث أن أصبح مديراً لإدارتها فرئيساً لتحريرها، بعدها نقلت خدماته إلى وزارة المالية ليصبح مفتشاً مالياً فيها إلى أن عين ممثلاً مالياً بها أسس مطبعة الحرم عام 1377ه ما جعله يصدر جريدة الندوة عام 1377ه ورأس تحريرها، كما أصدر مجلة قريش عام 1380ه وأسس مسرح قريش الإسلامي الذي سرعان ما أقفل قبل افتتاحه بأسبوع، للشيخ السباعي عضويات في كل من جمعية الإسعاف وجمعية تشجيع الطيران ولجنة تأسيس نظام المطبوعات وعضواً في وفد المملكة في مؤتمر الأدباء العرب المنعقد في الكويت، حاز الأديب السباعي على براءة تكريم الأدباء السعوديين في مؤتمر الأدباء السعوديين الأول، ونال جائزة الدولة التقديرية في الأدب عام 1404ه، بلغ عدد مؤلفاته ستة عشر كتاباً في جل الفنون الأدبية والتاريخية والتربوية، كما أسهم بالكتابة في كل الصحف السعودية وبعض المطبوعات العربية على مدى خمسين عاماً. وفي عام 1404ه لبى أديبنا السباعي نداء ربه بالطائف ودفن في مقبرة المعلاة بمكةالمكرمة. غلاف المجموعة