بإقرار مجلس الوزراء الأسبوع الماضي لمشاريع الأنظمة الخمسة المتعلقة بنشاط التمويل بناء على ضمان الأصول، والتي تشمل كلا من نظام التمويل العقاري، ونظام مراقبة شركات التمويل ونظام التأجير التمويلي، ونظام الرهن العقاري، ونظام التنفيذ، يدخل القطاع العقاري في المملكة بوجه عام، ومجال الإسكان منه على وجه التحديد مرحلة تاريخية أكثر أهمية وتأثيراً من وجهة نظر البعض من مرحلة إنشاء صندوق التنمية العقارية قبل أربعة عقود، أو حتى وزارة الإسكان التي يعلق عليها كثير من الأمل في الإسهام بمجال توفير الوحدات السكنية ضمن القطاع العقاري. إن هذه الأهمية، ومقدار هذا الدور، يمكن أن يستشف بسهولة من تصريح معالي وزير المالية الذي تداولته وسائل الإعلام بشأن هذا الموضوع، الذي قال فيه انه كان في السابق ولا يزال تمويلا عقاريا في المملكة ولكنه محدود، والسبب في ذلك يعود لعدم وجود أنظمة تحمي الحقوق، وتخرج الأصول العقارية الكبيرة الموجودة في الاقتصاد الوطني للاستفادة منها عبر أدوات التمويل العقاري التي يتم تداولها في السوق مثل الصكوك، وبالتالي يمكن للمتداولين في السوق أن يشتروا هذه الأدوات، وأنه نتيجة لهذه الأنظمة سيتطور التمويل العقاري ، وسيستفاد من الأصول المعطلة حالياً بمئات الملايين، سواء كانت منازل أو عمائر أو غيرها من الأصول الثابتة أو المنقولة، حيث سيتم تدويرها في عجلة الاقتصاد الوطني، بعد أن يتم بموجب هذه الأنظمة الحفاظ على حقوق جميع الأطراف التي تتعامل بالسوق، على عكس ما هو جار حاليا في هذا المجال. لكن ما لا يزال غير واضح بشأن هذه الأنظمة التي تمت الموافقة عليها، هو مدى شمول تطبيقها على الوحدات السكنية التي سيتم توفيرها من خلال برامج ومشاريع الإسكان الحكومية، أم أن النية الاكتفاء باتباعها فقط في مشاريع الإسكان التي يوفرها القطاع الخاص من خلال مؤسسات التطوير العقاري .. ؟ يضاف إلى ذلك أن تلك الأنظمة الخمسة بلوائحها التنفيذية التي ستكون في المتناول خلال ثلاثة أشهر من الآن، ستملأ بلا شك حين تطبيقها الفراغ التنظيمي الذي حد من توفير السيولة المالية للمواطن وحتى للمقيم لامتلاك مسكناً على الأقل ، ناهيك عن بقية أنواع العقارات الأخرى ، وذلك عبر الاستناد إلى تلك المساكن كأصول عقارية تحقق الضمان للتمويل وتداول الديون القائمة عليها ، إلا أن الاستفادة من تلك الأنظمة يتطلب وجود ملاءة مالية لدى المقترضين، بحيث لا يكون لدى الراغب في الحصول على التمويل التزامات مالية أخرى، أو يكون غير قادر على تحمل تكاليف القرض، وكما نعلم أن نسبة هذه الفئة من أرباب الأسر تعتبر عالية يقدرها البعض بنحو 70 % ، لذا فإن ما لا تستطيع هذه الأنظمة معالجته هم هذه الشريحة من المواطنين غير القادرين مطلقاً أو جزئياً على تحمل تكاليف هذا التمويل، أي بمعنى آخر أن القسط الشهري الذي يشترط عليهم مسبقاً تسديده يتجاوز في قيمته نسبة 30 % من دخلهم الشهري ويحتاجون بالتالي للإعانة في تحمل تكاليف هذا القرض كلياً أو جزئياً، أو مساعدتهم على الأقل في استئجار وحدات سكنية ملائمة بمقدار يتواءم مع مستوى دخولهم. إن هذا الجانب تناوله معالي وزير المالية أيضاً في حديثه الذي نشرته وسائل الإعلام عن هذه الأنظمة حين ذكر بأن صغار المقترضين من حيث الملاءة المالية سيكون صندوق التنمية العقارية هو الذي يقوم بإقراضهم سواء من خلال الصندوق نفسه أو بالتعاون مع البنوك التجارية، مع عمل الضمانات اللازمة لهم، فهل في ذلك ما يوحي بأن صندوق التنمية العقارية والوحدات السكنية في مشاريع الإسكان الحكومية ستكون مقصورة مستقبلاً على شريحة المواطنين الذين ليس لديهم الملاءة المالية للاقتراض دون غيرهم، أو أن صدور هذه الأنظمة سيتطلب بالضرورة إعادة هيكلة المستفيدين من مؤسسات الإسكان الحكومي أو ربما إعادة هيكلة تلك المؤسسات ذاتها بما يتكامل مع تلك الأنظمة.. ؟