تقول المعلومات ان العرب يصرفون حوالي (5) مليارات دولار على الشعوذة والسحر والتنجيم ومحاولة معرفة وكشف المستقبل..!! وفي هذا منتهى العجب فكيف بأمة قد أهملت حاضرها لتهتم بالقادم من أيامها، أهو الخوف بأن المستقبل سوف يهدم إمبراطوريات الوهم الحالية لهذا فهم شغوفون بمعرفة ما سيحدث؟؟ أم السأم وعدم القدرة على الصبر هو الذي يدفع بهم إلى معرفة مستقبلهم وهل هناك أمل في انقشاع غيوم التخلف والجمود التي تسد أفقهم وتمنع رؤية جميع أجناس الأمم وهم يتقدمون نحو الغد بخطى أكثر ثباتاً وأحوال أكثر تحسناً ومعيشة أكثر رغداً..؟؟ كنت قبل أن أعرف عن مقدار هذا الصرف المجنون من بني العرب على السحر والشعوذة قد كتبت موضوعاً بعنوان (الريال يلد والسماء تمطر ذهباً) أوردت فيه بعض حكايات الشعوذة تلك التي يدور معظمها في فلك مضاعفة الأموال نتيجة الجشع والطمع ومنها ذلك المشعوذ المحلي الذي باع مواطناً كتاباً ثمنه (40) أربعون ألف ريال يجعل السماء تمطر ذهباً وغيرها من الحكايات وكنت أعتقد وقتها أن قضايا السحر تقتصر على الأمور الشخصية المتعلقة بالحب وربط الأزواج أو تعليق قدراتهم الجنسية مؤقتاً أو انجذابهم وتعلقهم بامرأة محددة أو مكان معين وهكذا من أغراض ولكنني سمعت أن هناك من يهرع في وطننا العربي إلى السحرة والمشعوذين قبل أي توزيع مناصب إدارية أو طالباً منهم منصباً يستطيع من خلاله (تكوين) مستقبله ومستقبل أحفاد أحفاده بطرق لا بد وأنكم تعرفونها..!! كما أننا نسمع كثيراً عن (الدنبوشي) وهو لمن لا يعرف المصطلح عمل أو سحر يستطيع جلب الفوز في مباريات كرة القدم وحتى قيل أن الساحر أو (المدنبش) يمكنه تحديد عدد الأهداف بالدقة واللاعب الذي سيسجلها وفي أي مرمى وقيل أيضاً ان بعض الأندية بدلاً من انشغال مسؤوليها بتهيئة الفريق لياقياً ونفسياً للمباريات الفاصلة فإنهم يخططون لجلب السحرة والمشعوذين ليعسكروا في الملعب، يضعون في أركانه (طواطمهم) التي ستجلب الفوز لا محالة..!! هل تعتقدون بعد هذا أن رقم (5) مليارات دولار سنوياً يعتبر مبلغاً متواضعاً أمام ذلك التهافت على السحر من قبل كبار القوم قبل صغارهم في عالمنا العربي..؟؟ الزميل عبدالعزيز السويد صاحب زاوية (أحياناً) في جريدة «الحياة» يعتقد كما يقول في موضوع (قشرة التدين) أنه بالرغم من تلقي مجتمعنا لجرعات كبيرة من الوعظ والحث على الاستقامة والتركيز على عقيدة التوحيد طوال العقود الماضية إلا أنها لم تؤثر في استئصال الأعشاش الموبوءة بالشر وارجع أسباب تلك الاحتقانات الاجتماعية والشغف بالسحر والشعوذة إلى التوجه الاستهلاكي التفاخري لبعض أفراد المجتمع والبحث عن المال بأية وسيلة والبحث عن المناصب أيضاً بأية وسيلة وهنا و(الكلام لي) أقترح فتح ملفات تعيين الموظفين ليس من أجل معرفة طريقة وصولهم إلى مناصبهم لأنني لا يمكن تصديق وصول أحدهم عبر السحر والشعوذة بل من أجل قياس كفاءاتهم وقدراتهم وأيضاً إنتاجيتهم ومن ثم وضع مقاييس ومعايير لا يمكن (اختراقها) إلا بواسطة الأكثر قدرة والأعلى كفاية، بالمناسبة هل سمعتم يوماً بأن دولة ما ضعيفة بكرة القدم شهيرة بالسحر قد فاز فريقها بكأس العالم؟؟ أو هل سمعتم يوماً بأن وزيراً للمالية في دولة كاليابان مثلاً قد حاز على منصبه بقدرة ساحر..؟؟ ما حكايتنا إذاً مع السحر..؟؟