تواجه بعض الأحياء السكنية في مدينة جدة، وكذلك الأحياء القديمة التي تنتشر فيها عمائر التمليك، مخاطر أمنية حقيقية؛ بسبب انتشار العمالة غير النظامية من جنسيات عربية وأجنبية، إضافةً إلى استعانة بعض السكان بهذه العمالة لحراسة العمائر أو تكليفهم بنظافتها وصيانتها. ويشكل التواجد المتزايد لهذه العمالة خطراً أمنياً حقيقياً على السكان، يستدعي تدخلاً من الجهات المختصة لمواجهة هذا الخطر، في ظل غياب أي جهة رقابية مسؤولة عن تعيين ومتابعة المشرفين أو الحراس القائمين هناك، وذلك بعد أن ينتهي دور المالك الأساسي للمبنى بانتهاء أعمال البناء، ثم بيع جميع الشقق السكنية لملاكها الجدد. وتجولت «الرياض» في بعض الأحياء ورصدت معاناة سكانها مع العمالة، حيث أبدى سكان تلك الأحياء قلقهم من تفاقم هذه الظاهرة، وحملوا الجهات المعنية، مسؤولية ما قد يحدث لهم ولممتلكاتهم من ضرر، في ظل الغياب الواضح للدوريات الأمنية عن هذه الأحياء، الأمر الذي يُحتم تكليف جهة أو إدارة مسؤولة عن الخدمات الخاصة بالعمائر المباعة كشقق سكنية، لتتولى جلب العمالة النظامية، وكذلك توفير الخدمات الخاصة بما في ذلك متابعة الأعطال، مقابل راتب شهري يصرف له من قبل ملاك الشقق. غير نظامية وقال المواطن «عبدالإله النفيسة» -28 عاماً-: لا أملك الكثير من المال، فأنا شاب في مقتبل العمر، وحرصاً مني على تأمين مستقبل أسرتي -والدتي وإخوتي الأيتام- حملت نفسي فوق طاقتي، واقترضت مبلغاً مالياً كبيراً من البنك لشراء شقة تمليك بإحدى العمائر، مضيفاً أنه بعد كل هذا العناء وقبل أن يمض شهرين فقط على إقامتنا وفرحتنا بمسكننا حتى بدأت ألاحظ كثرة العمالة الوافدة غير النظامية في الحي، مبيناً أن عمارتنا وكذلك حال بقية العمائر تعتمد على العمالة السائبة التي لا تستمر في العمل لأكثر من شهرين أو ثلاثة فقط، ثم تأتي غيرها، مؤكداً على أنه سمع عن حالات سرقة للشقق من تلك العمالة التي تترك العمل وتتنقل من عمارة إلى أخرى دون رقيب أو حسيب، مما يشكل خطراً حقيقياً على أسرنا. غياب التنسيق وأكد المواطن «علي الدوسري» على أن الحي الذي يقطنه يعج بالعمالة الوافدة، لاسيما من متخلفي العمرة، أو المجهولين الذين دخلوا إلى المملكة بواسطة عمليات التهريب، وقال: «للأسف الشديد يستأجر سكان العمائر هؤلاء للعمل في حراستها، وتنفيذ أعمال السباكة، والكهرباء، وغسل السيارات»، لافتاً إلى أن العمالة تتواجد بأعداد كبيرة ما يسهل التعاقد معهم واستخدامهم للعمل، رابطاً بين تزايد هذه الظاهرة المقلقة وغياب التنظيم والتنسيق بين الجهات المختصة المعنية بمحاربتها والقضاء عليها، ذاكراً أن هذا الوضع يجعلنا نحرص على عدم وجود أبنائنا خارج المنزل في أي وقت من الأوقات، فنحن لا نشعر بالأمان في ظل وجود هؤلاء الوافدين غير النظاميين، وانتشارهم بكثافة في كل شارع، بل وحول المحلات التجارية الأخرى في الحي. .. وأخرى تنتشر دون رقيب ظاهرة خطيرة واعتبر «أحمد جمعان المالكي» -محامٍ- تزايد الاعتماد على الحُراس غير النظاميين للبنايات الحديثة في محافظة جدة ظاهرة خطيرة جداًّ، مؤكداً على أنها تنمو بسرعة فائقة أمام نظر جميع الجهات الحكومية، محذراً من احتمال وقوع المخاطر إذا لم يتم تدارك الأمر سريعاً، موضحاً أن أغلب هؤلاء الحُراس هم من العمالة الوافدة المقيمة في البلاد بطريقة غير نظامية، ويمارسون أعمال الحراسة وتقديم الخدمات للساكنين في العمائر السكنية، مقابل أجر شهري يصل إلى (2500) ريال، ذاكراً أن مُلاك هذه العمائر أو الشقق السكنية ومستأجريها يرتكبون مخالفة صريحة لنظام العمل والعمال ونظام الإقامة، وذلك بتشغيل مخالفين في هذه العمائر، ويعرضون أنفسهم وأطفالهم وأموالهم لخطر الاعتداء من قبل هذه العمالة، التي تتعاون فيما بينها للتستر على بعضهم البعض، ثم المشاركة في جمع المعلومات من بناية لأخرى ومن حي إلى آخر، لافتاً إلى أن أغلب جرائم هذه العمالة تنحصر في السرقة والتحرش بالأطفال والبنات الصغيرات، وإقامة علاقات غير مشروعة مع بعض الخادمات الهاربات من كفلائهن، وتوفير السكن لهن. لجان ميدانية وقال «المالكي»: إن أحد حراس العمائر غير النظاميين سرق قبل خمسة أشهر إحدى السيدات بعد أن صعد إلى شقتها لتوصيل الطلبات، داعياً الجهات المعنية إلى تشكيل لجان ميدانية للقبض على هؤلاء العمال غير النظاميين وترحيلهم من البلاد، بل ومحاسبة مالك أي بناية يتورط في تشغيل المخالفين في أعمال الحراسة أو غيرها من الأعمال. وأوضح «غازي الثبيتي» -صاحب مكتب عقار- أن القضية بالنسبة لعمائر التمليك تتجاوز مسألة وجود العمالة السائبة، مضيفاً أنه تكمن المشكلة الحقيقية في غياب إدارة مسؤولة عن العقار المباع كشقق تمليك، والتي يعود صك الأرض الخاص بها إلى صاحب العمارة الذي أفرغت له المحكمة الشقق لملاكها، فيما يبقى صك الأرض باسمه هو، متسائلاً: لماذا لا تجبر المحكمة الشرعية أصحاب العمائر قبل إتمام عملية الإفراغ على تكليف جهة أو إدارة أو شخص مسؤول مسؤولية تامة عن الخدمات الخاصة بالعمارة المباعة كشقق سكنية، ليتولى جلب العمالة النظامية، وكذلك توفير الخدمات الخاصة بما في ذلك متابعة الأعطال، مقابل راتب شهري يصرف له من قبل ملاك الشقق في تلك العمارة يتم الاتفاق عليه مسبقاً؟. حملات أمنية وأكد «الثبيتي» على أنه تم عرض الاقتراح على شيخ الدلالين العقاريين في أكثر من اجتماع ولكن دون نتيجة، وقال: «لم يسمع صوتنا حتى اليوم»، مضيفاً أنه كانت هناك مطالبة واضحة وصريحة من جميع العقاريين من الجهات المعنية بالتدخل لحل هذه الأزمة، والتي تنتج منها خلافات كثيرة بين سكان العمارة الواحدة، مما يشكل خطراً حقيقياً على قاطني هذه الشقق، مشدداً على ضرورة سرعة النظر في موضوع عمائر التمليك وضرورة إيجاد جهة أو مكتب مسؤول أو شركة عقارية تدير هذه العمائر بما يخدم أمن المواطن، على غرار ما تم عمله في منتجع «درة العروس» مثلاً، حيث تم تأسيس مكتب خاص يعرف بمكتب «شؤون الملاك» للفصل في أي مشكلة تحصل بينهم. وحمّل الملازم أول «نواف البوق» - ناطق رسمي مكلف في شرطة محافظة جدة - سكان العمائر السكنية مسؤولية ما يحدث، وقال: «لو أن هذه العمالة لم تجد من يؤويها ويتستر عليها، لما انتشرت وتواجدت في هذه العمائر وغيرها، مؤكداً على وجود حملات أمنية أسبوعية تنفذ على بعض المواقع التي ترد معلومات أو بلاغات متعددة تشير إلى تواجد مخالفين فيها، مشيراً إلى أنه في حال مؤشرات ومعلومات سرية وبعد التثبت منها، تُنفذ فرق الضبط الإداري على الفور هذه الحملات وضبط المخالفين. هاتف 992 وأشار المقدم «محمد عبدالله الحسين» -مدير الشؤون الإعلامية في جوازات منطقة مكةالمكرمة والمتحدث الإعلامي باسمها- إلى أن لدى إدارة الجوازات خطط دورية لمتابعة جميع الأحياء السكنية في جدة، وتنفيذ حملات دورية منفردة لإدارة الجوازات، أو حملات مشتركة مع مجموعة من الجهات ذات الاختصاص الجوازات والشرطة وإدارة المجاهدين والهلال الأحمر، وكذلك هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والمرور»، لملاحقة المخالفين لأنظمة الإقامة والعمل، مهيباً بالمواطنين والمقيمين بالتعاون مع الجوازات بعدم إيواء أي وافد مخالف لأنظمة الإقامة أو متخلف من العمرة بتأجير مساكن لهم، وكذلك عدم التعامل مع العمالة المتخلفة واستخدامهم لتنفيذ أي أعمال، مشدداً على أنه لو امتنع الجميع عن الاستعانة بهؤلاء المخالفين لما زادت أعدادهم بالشكل الذي يهدد أمن وأمان المواطنين. وناشد الجميع بسرعة الإبلاغ عن أي متخلف أو مخالف يتم استخدامه في أي موقع أو حي سكني، والاتصال فوراً على الرقم (992)، مؤكداً على أنه سيتم التعامل مع أي بلاغ على وجه السرعة، وذلك حرصاً على أمن الجميع وسلامتهم. عمالة تقف أمام عمارة سكنية