استغل القانونون والمحامون الاجتماع الذي عقد مؤخراً في جدة برئاسة "د.محمد بن عبدالكريم العيسى" -وزير العدل - وبحضور الشيخ "محمد ال عبدالله" -رئيس هيئة التحقق والإدعاء العام- بتقديم الطلبات والاقتراحات والشكاوى التي تواجه المحامين في مسيرتهم، وكان من أبرز مطالب المحامين السماح لهم بحضور جلسات التحقيق الخاصة بالمتهمين، وذلك تطبيقاً للأنظمة، ومطالبة جهات التحقيق تطبيق هذا على الوقع، وذكر "د.ماجد قاروب" -رئيس لجنة المحامين السعوديين سابقاً- أنّه تم رفع خطاب قبل أكثر من سنة ونصف إلى رئيس هيئة التحقيق والإدعاء العام طُلب فيه السماح للمحامين بحضور جلسات موكيلهم أثناء التحقيق معهم، فيما بيّن رئيس الهيئة خلال الملتقى للمحامين أنّ الخطاب تحت الدراسة. وبقي خطاب المطالبة أكثر من عام ونصف تحت الدراسة ليكون المتضرر الوحيد منه المتهم، حيث أنّ ما يقوله خلال التحقيق يسجل عليه، الأمر الذي يجعل أهمّ مراحل سير القضية ضدّه، ومع أنّ النظام كفل العديد من الحقوق للمتهم إلاّ أنّ ضعف الثقافة القانونية لدى المجتمع كانت خلف عدم إصرارهم على تفعيل حضور المحامي أثناء التحقيق سواءً في الشرطة أو في هيئة الرقابة أو غيرها من جهات التحقيق. "الرياض" تطرح الموضوع، وتلتقي المختصين، فكان هذا التحقيق. ضعف «الثقافة القانونية» لدى أفراد المجتمع قلّل من تفعيل دور المحامي أثناء التحقيق ضمانات متعددة في البداية قال: "د.ماجد محمد قاروب" -رئيس لجنة المحامين سابقاً-: إن نظام الإجراءات الجزائية يكفل حق المتهم في الاستعانة بمحام للدفاع عنه، حيث نصت المادة الرابعة على أنّه: "يحق لكل متهم أن يستعين بوكيل أو محامٍ للدفاع عنه في مرحلتي التحقيق والمحاكمة"، مبيناً أنّ الضمانة هي في حضور التحقيق، مبيناً أنه نصت المادة (64) على: "للمتهم حق الاستعانة بوكيل أو محامٍ لحضور التحقيق"، وشملت الضمانة حضور جميع إجراءات التحقيق، كما نصت المادة (69) على: "للمتهم والمجنى عليه والمدعي بالحق الخاص ووكيل كل منهم أو محاميه أن يحضروا جميع إجراءات التحقيق، وللمحقق أن يجري التحقيق في غيبة المذكورين أو بعضهم، متى رأى ضرورة ذلك لإظهار الحقيقة، وبمجرد انتهاء تلك الضرورة يتيح لهم الاطلاع على التحقيق"، لافتاً إلى أنّ النظام شدد على ارتباط المتهم بوكيله أو محاميه الحاضر أثناء التحقيق، ذاكراً أنه نصت المادة (70) على: "ليس للمحقق أن يعزل المتهم عن وكيله أو محاميه الحاضر معه أثناء التحقيق، وليس للوكيل أو المحامي التدخل في التحقيق إلاّ بإذن من المحقق، وله في جميع الأحوال أن يقدم للمحقق مذكرة خطية بملاحظاته، وعلى المحقق ضم هذه المذكرة إلى ملف القضية"، ومسايرةً للضمانة التي أولاها هذه العناية فقد أكّد النظام على أنّه في كل الأحوال يجب على المحقق ألاّ يخلّ بحق المتهم في الاتصال بوكيله أو محاميه، حيث نصت المادة (119) على: "للمحقق في كل الأحوال أن يأمر بعدم اتصال المتهم بغيره من المسجونين أو الموقوفين وألاّ يزوره أحد لمدة لا تزيد على ستين يوماً إذا اقتضت مصلحة التحقيق ذلك، دون الإخلال بحق المتهم في الاتصال بوكيله أو محاميه". عوائق التطبيق وأشار "د.قاروب" إلى أنّه ومع هذه الضمانة الكبيرة التي حرص عليها النظام، فإنّه عند التطبيق العملي هناك عائق متكرر من السهل القضاء عليه، ويتمثل في أن يطلب المحقق أن تثبت صفة الوكيل أو المحامي بتوكيل عن المتهم صادر من كتابة عدل، في حين يكون المتهم موقوفاً ولا سبيل له إلى كتابة العدل، ولا سبيل إلى كاتب العدل له، موضحاً أنّه من السهل القضاء على هذا العائق بأيسر السبل وهو حضور المحامي مع المتهم فور توقيفه وقبل بدء إجراءات التحقيق تحت رقابة رجل الضبط الجنائي، أو تحت رقابة المحقق، ويقر المتهم بتوكيله للمحامي الحاضر عنه في المرافعة والمدافعة عنه، ويثبت ذلك في محضر الإيقاف أو محضر التحقيق حسب الأحوال، مبيناً أنه قد ينظر بعد ذلك في ندب أحد كتابة العدل لتوثيق وكالات المتهمين للمحامين. عزل المتهم وبيّن المحامي "فيصل المشوح" أنّ المملكة تسير على تطبيق الشريعة الإسلامية، وما يصدره ولي الأمر من أنظمة لا تتعارض معها، مضيفاً أن الأنظمة الصادرة جاءت مرادفة لكلمة "قانون" في البلدان المجاورة، بل وحفظت حقوق المتهمين، منوهاً أنّ الشيء الذي يقلق الناس هو عدم التطبيق والإهمال أو الجهل الذي يسيء للشخص نفسه قبل غيره، موضحاً أن عدم التطبيق يعني أنّ النظام مازال حبراً على ورق، وإلاّ فقد جاءت الأنظمة صريحة بأنّه يجب على المحقق عند حضور المتهم لأول مرة في التحقيق أن يحيطه علماً بالتهمة المنسوبة إليه -مادة 101-، ويحق لكل متهم أن يستعين بوكيل أو محامٍ لحضور التحقيق -مادة 64،4-، ويحق لوكيل المتهم أو محاميه أن يحضر جميع إجراءات التحقيق -مادة 69-، موضحاً أنّه ليس للمحقق أن يعزل المتهم عن وكيله أو محاميه الحاضر معه أثناء التحقيق -مادة 70-، ويجب أن يتم الإستجواب في حال لا تأثير فيها على إرادة المتهم، كما أنه لا يجوز تحليفه، ولا استعمال وسائل الإكراه ضده -مادة 102-، وهذا مما كفله القانون للمواطن. ثقافة الحقوق وتمنى "المشوح" أن تشيع عبارة "لن أتحدث حتى يأتي المحامي" على ألسنة الناس وأمام جهات التحقيق والضبط؛ لتنتشر ثقافة الحقوق، ويحفظ ويصان الأشخاص من تلبيسهم ما ليس عليهم، وتتم مساعدتهم على تبرئة أنفسهم عوضاً عن عزلهم، خصوصاً أنّ أهم مراحل القضايا الجنائية هي عتبة المساءلة والتحقيق، حيث أنّ ما بعدها غالباً مبني عليها، وتكون الأحكام الشرعية والقضائية وفقاً لها متكئة على ما فيها، وهنا يتضح إلى أي درجة تكون هذه المرحلة خطرة على المتهمين، مشدداً على أهمية أن تحترم الجهات المعنية هذه المواد المذكورة في الأنظمة قبل غيرها، فهم أهل القانون ورجالاته وعرّابيه، وهم أول من يجب أن يطبقه ولا يهمله ويسعى لتحقيقه. إيجاد دائرة وشدّد "المشوح" على ضرورة أن تكون الجهات المعنية عتبة للصعود بوسائل التقاضي إلى قمة النضج، وهذا هو المأمول، مضيفاً أن ما تبذله بشكل واضح هو جهد مبارك، إلاّ أنّ الإصلاح البطيء لا يتذوقه إلاّ من وقعت يده على نار ساخنة، مبيناً أنه من الحلول وجود دائرة في هيئة التحقيق والإدعاء العام تسعى لتوعية المحققين بحقوق المتهمين، وتتابع تمكين المتهمين أيضاً من نيل حقوقهم كاملة أثناء وقبل التحقيق-وليس بعده- من غير نقصان، إلى جانب مساهمتها في توعية الناس وقلّة تذمرهم، مع زيادة ثقتهم بالمؤسسات العدلية بكل أنواعها. وبلغ عدد المحامين المقيّدين في جدول الممارسين للمهنة في وزارة العدل (2034) محامياً، وذلك بحسب تقرير رسمي للإدارة العامة للمحاماة بالوزارة، حيث حرصت وزارة العدل على تسجيل جميع أسماء المحامين المعتمدين لديها في موقعها الإلكتروني ليطلع المواطنون والمقيمون على جميع المحامين في المدن، حتى تسهل عليهم عملية البحث عن الشخص المعتمد.