فقدت المملكة العربية السعودية خلال الأشهر الفائتة ركنين أساسيين من أركان الحكم في بلادنا.. فهذه قدرة المولى عز وجل ولكل أجل كتاب فقد فجعت المملكة قبل بضعة أشهر بوفاة الأمير سلطان بن عبدالعزيز ، وقبل أيام فجعت المملكة أيضًا برحيل شقيقه الأمير نايف بن عبدالعزيز رجل المهام الصعبة والعين الساهرة على أمن الوطن - رحمهما الله-. ولا شك أن المصيبة كبيرة والفاجعة أكبر.. فالأمير نايف رجل تحمل مسؤوليات جساما وكان بحجم مسؤولياته.. وكان يضاهي مثلها وأكثر كيف لا؟ فقد اضطلع هذا الرجل بملفات كثيرة حتى أصبح مصدر قلق لكل من يريد سوءاً بهذا الوطن.. ومصدر فخر لكل مواطن سعودي أبّي.. نعم نايف الأمن والأمان بعد الله سبحانه وتعالى عمل بلا كلل أو ملل، وضحى بكل ما يملك بدءاً من راحته النفسية وجهده وكل وقته لكي ينام الوطن قرير العين. رحل نايف إلى الدار الآخرة ولكن لم تغف عين الوطن.. ولم تتثاءب فنايف ترك للوطن جهده وعرقه وأنفاسه الزكية طوال العمر.. الأمن هو الشغل الشاغل للأوطان وهو الركيزة الأولى للاستقرار ولا شك بأن ثمنه باهض ويبذل الغالي والنفيس دونه لكي يتم تحقيقه في بلد يطبق الشريعة الإسلامية وتعاليم الدين الحنيف. وعندما كان نايف بن عبدالعزيز يرأس المؤتمرات والندوات التي تتعلق بالأمن نجده يسافر هنا وهناك ويصون شرف الأمة ويحافظ على استقرارها فمجلس وزراء الداخلية العرب الذي يرأسه سموه يرنو إلى توالي تحقيق الإنجازات تلو الإنجازات والاستقرار لكل أوطانه.. تعلق المجلس بآراء نايف وأطروحاته وتوجيهاته فكان خير المجلس وخير الجلساء، فجميع وزراء الداخلية العرب أثبتت لهم الأيام من هو نايف بن عبدالعزيز، فعند ترؤسه المجلس زاد التفاهم فيما بينهم وكذلك الألفة والمحبة والثقة المتبادلة وثمنوا الجهد العظيم الذي بذله الرئيس الفخري لهذا المجلس، فكافة الملفات الأمنية ظلت ولفترة طويلة في أيد أمينة وتريد الخير والتقدم لهذه الدول الشقيقة، ولا شك أنها ملفات شائكة ومتشعبة فالإرهاب – وتهريب المخدرات – والاتفاقيات الأمنية وغيرها، والتي نشط فيها سموه حتى أصبحت من الزمن القديم فتم دحر الإرهاب وقهره وأيضا تم التضييق على تجار المخدرات، حتى أصبحت المملكة نموذجًا يحتذى به في قمع الارهاب ومكافحة المخدرات. لا شك أن رحيل الأمير نايف خسارة لا تقدر بثمن فهو رجل دولة من الطراز الرفيع سمعته داخليا وخارجيا تجاوزت حدود المقاييس، رجل يملك الكلمة وينفذها، والصدر الرحب وقوة القرار وتجاوز المستحيل من سماته رحمه الله. عُرف الأمير نايف بين مواطنيه بأنه مخلص لبلده محافظ على دينه وخصوصية الشعب السعودي الكريم، رجل لا يتوانى عن عمل الخير رغم منصبه القيادي وطبيعة عمله الصارمة، فعمل الخير لنايف الإنسان كانت من طباعه حيث اهتم بالأيتام والفقراء وأسر السجناء. يده حانية على السجناء وأسرهم وهو من أصدر أمره الكريم بالفترة الأخيرة بالعفو عن السجناء كافة غير الخطرين. وانطلاقا من حب سموه يرحمه الله لأعمال الخير وحرصه على تشجيع الهيئات والمؤسسات الاجتماعية وكانت العلاقة العميقة بين الوالد وأبنائه هو ما وصفها سموه عندما استقبل رحمه الله أبناء جمعية إنسان لرعاية الأيتام وشكره لهم تجاه مشاعرهم الفياضة له عندما قال سموه: "مشاعركم تجاهي تعكس عمق العلاقة بين الوالد وأبنائه". نايف ذو القلب الكبير تربى تربية إسلامية صحيحة في كنف والده المؤسس العظيم.. وتمثل ذلك في شعوره الإنساني النبيل والذي قلما نجد مثله، هذا الشعور الذي تمثل في رسالة جائزة نايف بن عبدالعزيز آل سعود العالمية للسنة النبوية والدراسات الإسلامية المعاصرة، والذي حقق أغلب أهدافها قبل رحيله والتي لقيت صدى واسعاً من المواطنين ومباركة من القيادة السعودية. وعندما نحزن لفراقك يا نايف.. فلا شك أن ما تم عمله خلال فترة وجودك بيننا سوف يملأ المجلدات ، وأفعالك باقية وأعمالك سوف تضاف إلى ميزان حسناتك عند رب العزة والجلال. ولا نملك إلا أن نرفع أكف الضراعة لله عز وجل داعينه أن يتغمد الفقيد بواسع رحمته ويسكنه فسيح جناته، وبخالص العزاء لمقام سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز ولصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع حفظهما الله ولكافة الأسرة المالكة الكريمة والشعب السعودي الكريم، "إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ". * مدير المراسم والعلاقات العامة والإعلام بمستشفى الملك خالد التخصصي للعيون