بداية أرفع أحر التعازي ، وصادق المواساة لمقام خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز ملك المملكة العربية السعودية ، ولسائر أخوة الفقيد وأشقائه وأبنائه وللشعب السعودي الكريم كافة بوفاة صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز رحمه الله رحمة واسعة ، وأسكنه فسيح جناته إنه سميع مجيب . فقد كان رحمه الله من الرجال الأفذاذ .. كان رجل دولة من الطراز الأول .. خدم وطنه منذ نعومة أظفاره ، وسهر على أمنه وطمأنينة أهله والمقيمين على أرضه على مدى ما يقارب من أربعين عاماً ، نجح خلالها في مواجهة العديد من التحديات والصعوبات التي تغلب عليها رحمه الله بحكمة وجدارة ورويّة تحسب لسموه ، وتشهد له بكفاءته ومقدرته وتميزه على كثير من أقرانه على مستوى العالم ، فهو رمز من رموز الوطن ، وعلم من أعلام صناع القرار ، متحدث لبق ، يزن كلامه وعباراته بميزان دقيق ، فما عُرف عنه وقوعه في هفوة أو سقطة أو زلة لسان ، أو استدراك على كلام نُسب إليه ، أو قول تلفظ به ، أو التمظهر بمظهر وزير الأمن الصارم المتجهم الذي لا يتورع في ارتكاب مختلف أساليب البطش والجبروت مع مخالفيه ، بل كان (رحمه الله) الوزير الحليم، والسياسي البارع الذي يتعامل مع مختلف المواقف بحكمة وروية وصبر وأناة ودبلوماسية مع شجاعة وعزم وحزم وعدل يدلل على حنكته ومقدرته في ميزان كل أمر من الامور ، أو قضية من القضايا بالميزان الذي تستحقه! هكذا كان الأمير نايف (رحمه الله) في مختلف المناصب التي تقلدها والمهام التي اضطلع بها ؛ أميراً للرياض ونائبا ثم وزيراً للداخلية ، ونائباً ثانياً ثم نائبا لرئيس مجلس الوزراء ، وولياً للعهد إلى أن اختاره الله إلى جواره . وعلى الرغم من مشاغله في الإدارة والحكم فإن الأمير نايف (رحمه الله) أعطى الكثير من الجوانب العلمية والدينية والثقافية والإنسانية حقها من العناية والرعاية والاهتمام ، وبذل المال بسخاء غير محدود ، من ذلك جائزته في السنة النبوية ، وتمويله لبعض الكراسي العلمية والمنح البحثية التي تخطت حدود المملكة العربية السعودية إلى بعض الدول الإسلامية التي كانت ضمن المنظومة السوفيتية سابقاً ، ومنها رئاسته للمجلس الأعلى للإعلام ، ولجنة الحج العليا ، ورعايته لعدد من المؤتمرات والندوات والملتقيات العلمية والثقافية في داخل المملكة وخارجها . وفيما يتعلق بالأمن الفكري أخذ سموه على عاتقه تأسيس إدارة خاصة به ، واضطلع بتمويل وتأسيس كرسي يحمل اسم سموه لدراسات الأمن الفكري بجامعة الملك سعود ، وعمل على دعم عدد من الدراسات والبحوث المرتبطة بظاهرة التطرف ، كذلك عمل على تشكيل فريق عمل من أساتذة الجامعات لوضع إستراتيجية وطنية للأمن الفكري الذي كان همه الأول ، لأنه (رحمه الله) يعلم علم اليقين أنه لا تنمية بدون أمن ، وقد تحقق له ما أراد بانتصاره الساحق على فتنة القاعدة والقاعديين . رحم الله الأمير نايف وسقى‘ صَيِّبُ الغَمَامِ ضَرِيْحَة . *عضو مجلس الشورى