من يستعرض في عجالة من أمره حياة الراحل الكبير صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز آل سعود يجدها مليئة بالمهام الجسام ، حافلة بالعطاءات الخيرة ، عامرة بالإنجازات الباهرة التي تذكر فتشكر .. بما يدل بكل وضوح وشفافية أن سموه - رحمه الله - رجل دولة من الطراز الأول .. فقد وهبه الباري عز وجل الإرادة المتينة ، والإدارة الحكيمة ، وبعد النظر الثاقب ، والرأي السديد .. فوظف كل ذلك بروية واقتدار في خدمة الدين والمليك والوطن والمواطن فتدرج في سلم المهام على امتداد عدة عقود من السنين التي محصها كل وقته وفكره ووجدانه . ولذلك كسب محبة وثقة الراعي والرعية الذين وجدوا في سموه صفات الإنسان المؤمن الحقيقي الذي يحب لنفسه ما يحب لغيره وكان من ثمار هذا التوجه الإيماني الزاهد التمكين لمفهوم الأمن الشامل فتحقق الاستقرار في ربوع الوطن العزيز وأصبح مضرب المثل .. كما كان لمشاركات سموه البناءة على مستوى الوطن العربي أن أهلته بلا منازع ليكون رئيساً فخرياً لمجلس وزراء الداخلية العرب الذين أجمعوا على هذا الاختيار الذي إمتد لأكثر من عقدين من السنين .. برز من خلالها العديد من تضافر الجهود الداعمة للأمن العربي ولعل خير مؤشر على ذلك تأسيس جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية التي تتخذ من الرياض مقراً لها والتي تضم طلاباً يفدون من مختلف أنحاء الوطن العربي بهدف الإرتقاء بالمتطلبات الأمنية إلى المستوى الرفيع المؤسس أكاديمياً وفق أحدث معطيات العصر للتصدي للتحديات كافة وفي المقدمة ما يتعلق بمكافحة الإرهاب الذي يقلق الأسرة الدولية الذي ليس له دين ولا جنسية . إلا أنه بتوفيق من الباري عز وجل ثم بتضافر الجهود المخلصة تم إحكام السيطرة بإعمال العقل والفكر وبالأخذ بالأسباب .. أخذ هذا الوباء في التراجع والانحسار وكان للراحل الكبير الدور الرئيس لقيادة سفين الأمن إلى بر الأمان. يضاف الى ذلك تأسيس جائزة السنة النبوية المطهرة ومسابقة حفظ الحديث النبوي وإنشاء الكراسي العلمية محليا ودولياً منها كرسي الأمير نايف للوحدة الوطنية وكرسي الأمير نايف للأمن الفكري وكرسي الأمير نايف للقيم الأخلاقية وقسم الأمير نايف للدراسات الإسلامية بجامعة موسكو. وعلى صعيد الوطن العزيز يأتي في المقدمة تأمين طرق الحج فكان هذا الأمر شغله الشاغل بحكم كونه رئيساً للجنة الحج العليا التي خصها بالكثير من وقته وجهده ومتابعته لتتواصل النجاحات وليؤدي الحاج والمعتمر والزائر نسكه بأمن وأمان وبيسر وسهولة . لذلك ليس بمستغرب أن تذرف الدموع من أجله ولأجله لأن فقد الرجال العظام خسارة جسيمة .. وإزاء ذلك لا نملك إلا أن ندعو الله عز وجل أن يجعل كل ما قدم في ميزان حسناته وأن يسكنه فسيح جناته .. وأن يلهم الملك المفدى وجميع إخوانه وأبنائه والمجتمع السعودي بل الأمة العربية والإسلامية الصبر والإحتساب في الفقيد الغالي .. إنا لله وإنا إليه راجعون. * وزير الحج