تعتبر كرة القدم وسيلة ترفيهية يستغلها بعض أفراد المجتمع في الترويح عن نفسه والاستمتاع بعيداً عن رتابة الأعمال الروتينية اليومية وصخب التوترات النفسية التي يعيشها نتيجة ما يعترضه من متاعب ومشاكل، وفيها يستطيع الفرد أن يسترد نشاطه البدني وصفاءه الذهني ويزيد جرعاته اللياقية ونموه العضلي وراحته الجسدية، وإذا أخذت بهذا المنظور وشوهدت من هذا الجانب فإنها سبيل محمود ومسلك صحيح لاسيما انها تحقق المصلحة المرجوة التي ينبغي منها، وتكسب الفائدة المرادة التي ترتجي فيها، لكن ما نراه الآن يجعلنا نعيد النظر في مفهومنا لها ونعاود التأمل في معرفتنا بها، فقد أصبحت نبض الشارع وحديث الناس في المجالس وهاجس الشباب في المنتديات واللقاءات الاجتماعية والعائلية والأسرية وأسرت قلوب الكثيرين منهم، عشقوها حتى الثمالة، واغرموا بها حتى الهيام، وكان من نتاج تلك التداعيات ومن محصنة تلك الافرازات، ان رصدت المبالغ الطائلة لمن برر وأجاد فيها وذللت الصعوبات والعقبات لمن أراد أن يسلك طريقها وعززت الميزانيات في سبيل خدمة من ابدع فيها، والهدف: رفع رايات الدولة خفاقة في المحافل الدولية، وصعود منصات التتويج في التظاهرات الرياضية، واعتلاء المراكز الأولى لتحقيق الانجازات الكروية. يا أهل العقول النيرة، ويا أصحاب البصائر الثاقبة هل هذه برأيكم مكاسب يرتجيها الإنسان لبلده، وهل تلك فوائد محققة يبغيها الشخص لوطنه، هل ارتفعت بقيمة الفرد ودفعت بأسهمه، أم يا ترى عادت بالنفع على مستقبل الدول وسمت باسمها، بينما نشاهد المتسلحين بالعلوم النافعة لا تصير لهم والمنتفعين برداء الفكر لا سند لهم، تحطمت آمالهم بسياج الحاجة، وارتطمت أحلامهم بأسوار الفاقة الأبواب في طريق مستقبلهم مرصدة، والآفاق عن مدى رؤيتهم مؤصدة. لكنها القدم ربما تحمل لك المفاجآت السارة والسعيدة، وتجلب لك الحظوظ الجميلة والمفرحة، مجرد مهارات بسيطة تتوافر عند لاعب مبتدئ، يطرب من خلالها الجمهور الذواق ويسعد وينبهر من خلف الشاشة من يراها فيهنأ، إذاً: لا تلوموا من شمر عن ساقه ليطلق لها الريح ليقدمها عربون وفاء لمستقبل مشرق بالنسبة له، ولا تعتبوا على من وثب لبنود عن عرين المرمى ليعرض مقدم صداقة له مع الثراء السريع، وأيضاً: لا تنقموا على من تحسر على عمره الذي قضاه في صروح العلم، وفي حقول التعليم، عن السنين التي كابد فيها، وعن الأيام التي كافح فيها ولم يخرج منها بجزء ولو بسيط مما خرج به هؤلاء، ولا تؤاخذوا من فكر في تغيير مساره، وتدبر في إبدال توجهه ليسلك طريقهم، ويحذو حذوهم.