جاء قرار مجلس الوزراء بتحويل الاذاعة والتلفزيون إلى هيئة عامة وفصلهما عن وزارة الثقافة والإعلام ليكون ضمن منظومة من المشاريع التطويرية الهامة التي تمت في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - حفظه الله - وليعيد هذين الجهازين إلى دائرة الاهتمام التي بدأها المؤسس الملك عبدالعزيز - رحمه الله - حينما أصدر مرسوماً بتأسيس الاذاعة وربطها بنائبه الملك فيصل - رحمه الله - ولم تكن يومها سطوة الإعلام وجبروته قد بلغت أوجها كما هو حاصل الآن، ومع ذلك فقد أدرك المؤسس - رحمه الله - أهمية الكلمة في بناء وتحقيق مشروعه الحضاري في الوحدة والبناء التي نجني ثمارها اليوم. واليوم يأتي هذا القرار وفي هذا الوقت ليعيد نفس الاهتمام ولكن في ظل ظروف مختلفة تتمثل في خطط إعلامية مدروسة تغشى المجتمع السعودي وتستهدف قيمه وحضارته ووحدته ومن الخطأ الرهان على قوتنا في وجه هذه الحملات ما لم يكن هناك في المقابل استيعاب للرسائل الموجهة عبر كل الوسائط والتخطيط الذكي لرسائل تعري أهدافها المشبوهة، ومن هنا تأتي أهمية الإعلام المرئي والمسموع الذي مازال يحتفظ بحيز كبير من مكانته رغم زحف البدائل الجديدة عليه، ولعل الخطوة الأكثر أهمية في هذا الوقت هي صدور هذا القرار والذي نتطلع أن يثمر عن ايجاد هيئة مرنة لها نظم مالية وإدارية قادرة على الحركة السريعة لاستقطاب الكوادر المؤهلة من العناصر الموجودة أو الكفاءات من خريجي مشروع خادم الحرمين الشريفين للابتعاث أو من جامعات المملكة وأن تكون هذه الهيئة ملتقى للمبدعين القادرين على صناعة منتج إعلامي مؤثر يبرز منجزاتنا الحضارية بأسلوب ذكي يمكن تسويقه للمتلقين. إن نجاح الهيئة القادمة مرتبط بالاستفادة من تجارب عدد من الدول التي سبقتنا في هذا المجال وأن تكون عقلية المخططين للهيئة منفتحة للانفاق على الإعلام باعتباره أحد عناصر الحماية الرئيسية لأمن واستقرار هذا الوطن. إنني اؤمن أننا أمام خيارين، إما ان تكون هذه الهيئة إعلام دولة للأخبار والمناسبات والحديث عنها، أو أن تكون قاعدة قوية لدولة الإعلام التي تفرض مهنيتها العالية في التعامل مع الأخبار والأحداث بطريقة تبرز جوانبها المضيئة وتبرز من خلالها الدولة بمشاريعها العملاقة وإنفاقها السخي على مشاريع التنمية في الداخل ومشاركتها الفاعلة في حفظ الاستقرار العالمي عن طريق سياستها الاقتصادية المتزنة والاسهام في مشاريع المنظمات الدولية الإنسانية. إن أمام الهيئة الجديدة مسؤوليات كبيرة تحمّلها الإعلام السعودي بشكل جيد وحان الوقت لتنتقل إلى هذه الهيئة وليكون تعاملها مع احتياجاتنا الإعلامية أكثر ذكاء ومهنية لأن لدينا الكثير من المسؤوليات والمنجزات التي تنتظر منا أن نسوقها في الداخل والخارج.