ليس صحيحاً أن الثقافة والإعلام شيء واحد.. ** كما أنه ليس صحيحاً أيضاً.. أن تشكيل الرأي العام وظيفة ذات خصائص مهنية فقط.. ** وليس صحيحاً كذلك.. ان السياسة شيء.. والاعلام شيء آخر.. ** وليس صحيحاً أن الثقافة شجرة كبيرة.. وان الاعلام يمثل أحد فروعها.. ومصادر اشعاعها.. ** وليس صحيحاً أن كل مثقف يمكن أن يكون اعلامياً.. وإنما الصحيح هو أن الاعلامي لابد وأن يكون مثقفاً بالضرورة.. ** هذه الحقائق والمسلمات.. يدركها جميع الممتهنين للعملية الاعلامية.. وأساتذة النظريات الاعلامية المتخصصة.. ولا تغيب تماماً عن أذهان المثقفين وأصحاب الرأي.. ** وبالمقابل.. فإن دوحة الثقافة يمكن أن تشمل (الآثار) كما يمكن أن تنسحب على السياحة.. ليس في كونها صناعة.. لها خصائص وأبعاد اقتصادية كثيرة وإنما في مرتكزاتها التي تقوم على أساس (الاشباع الحسي) و (القيمي) و (التراثي) و (الإنساني).. ** فإذا كان هناك من يطالبون وبإلحاح بفصل الثقافة عن الإعلام وفي مقدمتهم معالي الوزير النبيل الدكتور عبدالعزيز خوجة .. ولهم الحق كل الحق في ذلك.. ** فإن هناك من يطالبون أيضاً بدمج الآثار.. وكذلك السياحة في الثقافة.. لتكون معاً وزارة واحدة ومستقلة.. ومدعومة.. ** ولعل ما يؤكد الحاجة الملحة إلى دمج هذه التخصصات الثلاثة مع بعضها البعض.. هو تلك الخسارة الفادحة التي تعرضت لها آثار الوطن.. وثرواته وشواهده الوطنية والتاريخة.. بفعل التدمير.. والإزالة.. سواء كان ذك بفعل أنماط التفكير السائدة.. أو كان لأسباب أخرى يرد في مقدمتها مشاريع التوسع العمراني.. وإقامة الجسور والطرق والإنفاق عليها.. ** وأنا لم أر في حياتي أمة في طول التاريخ وعرضه.. تدمر هويتها الثقافية لتقيم عليها ثقافة مادية زائلة.. ** كما انني لم أسمع أن هناك بلداً واحداً.. انتصر للظلام على حساب هويته الثقافية التي لا يوجد لها مثيل في كل فترات التاريخ كما فعلنا نحن في بلدنا.. وفي ثرواتنا الآثارية العظيمة تلك.. ** وحتى تقف تلك المأساة.. فإنه لابد من مرجعية قوية تحافظ على هذه الثروات العظيمة.. وتحولها ليس فقط إلى قيمة تاريخية وإنسانية.. وتراثية عظيمة.. وإنما إلى استثمار.. وصناعة حقيقية بصورة صحيحة لبلد عريق.. بلد ذي تاريخ.. بلد يعرف قيمة مكتسباته.. ويحافظ عليها.. ** صحيح أن الهيئة العامة للآثار والسياحة تقوم بجهود خارقة في هذا الصدد.. ** وصحيح أن الوعي العام السائد في الوقت الراهن.. أصبح أكبر مساند للهيئة في كفاحها.. وجهادها المستميت من أجل الحفاظ على ما تبقى من تلك الثروات المنتهكة.. ** لكن الأكثر صحة هو.. أن الآثار.. والسياحة.. لا يمكن فصلهما عن الثقافة بشكل عام.. حتى وإن تضخمت المسؤولية.. وعظمت التحديات أمام هذه الوزارة الجديدة.. لأن ذلك هو قدرها بل ان ذلك هو قدر هذا الوطن.. حتى يأخذ مكانته الطبيعية من الثرات العالمي المشهود له بالقيمة.. وبالتأثير في صنع حضارة الدنيا ومجتمعاتها.. ** ولا أعتقد أن هناك حضارة كان لها دور وأهمية وتأثير في صنع عقول البشر.. كما هي حال الحضارة الإسلامية.. ** فقد شرف الله بلادنا بأن تكون حاضنة لعقيدة الإسلام.. ومصدر الإشعاع الصادرة منه إلى كل الدنيا.. ** وما دام الأمر كذلك.. فإن الحفاظ على هذه القيمة وذلك التراث تصبح مسؤولية تاريخية.. وروحية.. ووطنية في آن واحد.. ** ولكي يتحقق هذا.. وتأخذ بلادنا الغالية حقها من تاريخ الحضارات الانسانية.. فإنه لابد وأن نجمع كل الشتات.. ونوحده.. وندمجه في وزارة الثقافة.. وندع الإعلام لأهله.. ومتخصصيه.. وأساطنته.. ومبدعيه.. وخبرائه.. ** أما الثقافة.. ** أما التراث.. ** أما السياحة كأداة ووسيلة ومختبر للثقافة والآثار.. فإن الوقت قد حان.. لكي نوليها كل ما تستحق من اهتمام.. ومن دعم.. ومن إنفاق.. ** ولعل الأهم من كل هذا - بعد كل هذا هو - أن تصبح المكتبات العامة.. والأندية الثقافية والأدبية.. والفنية.. وكذلك مراكز الابحاث والدراسات.. والمؤسسات الثقافية.. والمهرجانات.. والمعارض المحلية والدولية.. والتاريخ الشفهي عن هذه البلاد جزءاًَ من منظومة الثقافة الجديدة.. ** وعندها.. عندها فقط.. سنقول إن لدينا هوية ثقافية حقيقية.. ومصونة.. ** وتحديداً عندما تكون لنا عناية بالبحث العلمي.. وبالمسرح.. والسينما.. وبالمهرجانات والمتاحف وكل مؤسسات الحوار.. وبالطباعة والنشر بوسائله التقليدية والجديدة.. ** وبعدها يمكن أن ينشأ تنسيق وثيق.. بين وزارة الثقافة.. بهذا الاتساع والثراء والتنوع.. وبين قطاع الإعلام المهموم ولاسيما في هذا العصر بما هو فوق الطاقة والاحتمال.. ** وعندها نمنع حالة التبعثر.. والتشتت هذه.. في ظل غياب التقنين الدقيق.. وتنازع الصلاحيات بين جهات عدة.. ** ولعل نجاح الأمير سلطان بن سلمان الباهر.. في (لملمة) أشلاء التراث تكون هي البداية.. لإقامة هذا الكيان الثقافي الموحد.. ونحسم بذلك خلطة الثقافة والإعلام غير المتجانسة أبداً.. **** ضمير مستتر: ** «لا قيمة لأمة.. لا هوية لها.. ولا دور لها في صنع مستقبل أجيالها.. إذا هي افتقدت ملامح شخصيتها»