يتدفق المتسوقون إلى السوبر ماركت للشراء، وهم حسب تصنيفي ثلاثة أنواع أحدهم يأتي متسرعاً لأسباب، إما أن يكون مرتبطاً بعمل ويريد شيئاً واحداً أو شيئين ليغادر بسرعة ويعرف ما يريد مسبقاً, ويتعامل معه بطريقة الخطف, وآخر يتبع الصنف الأول يريد سلعة معينة أو اثنتين أو ثلاث يمسكها بيده أو بسلة تُحمل باليد ويتجه من الباب إليه مباشرة ولا يلفت انتباهه شيء من المعروض لأنه يأتي محددا الهدف, وفي نفس الوقت غير مقتنع أو غير مهيأ رغم الوقت المتسع لديه, بأن يتوقف ويرى ويشاهد ويتأمل, فيأخذ ما يريد, ولا تلتفت اهتمامه الإعلانات, أو العروض التي أمامه. النوع الثاني يدخل بهدوء ويسحب عربته أمامه وبيده ورقة مكتوب فيها ما يريد من طلبات, بمعنى أنه يدخل بهدف محدد, يأخذ نشرة العروض ويقرأ منها ليشتري ما يريد حسب ما هو مكتوب, وقد لا يتجاوز ما يريد أبداً لأنه اعتاد على التسوق بهذه الطريقة وهي أن يذهب إلى السوبر ماركت متسلحاً بورقة, غير خاضع لإغراءات المعروض, وملتزماً بمتطلبات حقيقية تتناولها الأسرة ولا تخرج عن احتياجاتها. ينتقي ما يريد بهدوء, ويشتريه, ثم يغادر دون تعجل. النوع الثالث وهو الذي ينبغي التركيز عليه يتعلق بذلك الشخص رجلاً كان أو امرأة, والذي يذهب إلى السوق ليشتري ما لا يحتاجه, ويركض خلف العروض إما مزاجاً, أو ارتباطاً بحالة نفسية معتادة, ويتحول له السوبر ماركت بالتحديد إلى مزار أسبوعي أو أقل, يمضي فيه وقتاً طويلاً للشراء وتعبئة العربة بكل ما يجده في متناوله رغم أن بعضه قد لا يستعمل, والآخر لا يزال موجوداً في المنزل, يتقاطع مع ذلك أنه قد يذهب لشراء أشياء يحتاجها فعلاً وبمبالغ بسيطة لكنه كعادته وبدون أن يشعر يجمع في العربة ما يجده في ممرات السوبر ماركت متجاوزاً احتياجه, وقافزاً على ما يريده فعلياً, وقد يجد نفسه أمام الكاشير مطالباً بمبالغ تتجاوز مرات عديدة ما حضر لشرائه. قد يغضب لكنه لا يرد ما اشتراه, وسيعاود بعد فترة الشراء مرتبطاً بإحساس الرغبة في التسوق, امرأة تقول أذهب إلى السوبر ماركت عندما يضيق صدري واستمتع بالتسكع وتعبئة العربة وأخرج وأنا قد تجاوزت الحالة، ولكن مقابلها أدفع نقوداً كثيرة, وهذه عادة تتكرر معي دائماً, ولا يمكن أن أتجاوزها فكلما اكتأبت ذهبت إلى السوبر ماركت, وأخريات يذهبن إلى السوق للتسوق والتسكع ومشاهدة المحلات وشراء حتى ما لا يلزم المهم أن هذا المشوار التسوقي ساهم في حل أزمة ضِيقة الخلق, وحسّن المزاج. هذا التصرف الطبيعي والعلاجي دون طبيب هو في النهاية, وإن كان قادراً على إعادة الهدوء وتحسين الحالة, وتجاوز الاكتئاب أو كما يقال إن الصرف مضاد للاكتئاب، إلا أن اتخاذ القرارات المالية بناء على المشاعر يجعل الحياة في مهب الريح كما تقول: (ماري هانت) المحررة الاقتصادية لمجلة المرأة الامريكية, والتي ترى أن على المرأة بالتحديد الحفاظ على الاستقرار المادي من خلال ما يلي: مقاومة الرغبة الملحة في الانفاق, من خلال تعلم تهدئة المشاعر التي تدفع إلى الانفاق والتي من أهمها مشاعر الغضب والحسد والإحباط, فقد تستطيع النقود تخدير هذه المشاعر لبعض الوقت، ولكن على المدى الطويل لا بد من التعامل معها بدلاً من تهدئتها مؤقتاً. الابتعاد عن المغريات، وبالذات ان كانت هي نقطة الضعف, وحتى لا تتمكن من المرأة وعليها الابتعاد عن حمل كروت الائتمان التي تغري بالشراء وبالدفع المؤجل ,و عدم زيارة المتاجر الكبرى والمراكز التجارية ففيها تقع الفأس في الرأس, مع ضرورة تمزيق كل الخطابات التي تحتوي على عروض شرائية وكتالوجات تغري بالشراء. البحث عن مجال ممتع آخر بدل الشراء من الممكن أن يُحسن المزاج بدلاً من انفاق المال مثل مرافقة صديقة لممارسة الرياضة, أو قراءة قصة, أو الانشغال بما هو مفيد. التخلص من الديون, فكروت الائتمان وديونها تسرق فرص الحياة, فلا بد من تسديد الديون وعدم إضافة المزيد. الاستمتاع بالحياة بتوفير بعض النقود لبعض النزوات الشرائية من حين إلى آخر حتى لا تشعر بالحرمان. أخيراً على المرء أن يكون واعياً لتصرفاته، فالحياة مليئة بالأيام الصعبة, وبأوقات السعادة, والشقاء, فلا تسمح لمشاعرك ان تتحكم في قراراتك المادية, حيث تتراكم عليك الديون وعليك أن تدرب نفسك على مجابهة المواقف الصعبة بحسن التصرف فتحسن ثقتك بنفسك وتستقر حياتك اقتصادياً. اكتب هذا المقال وثلاثة أشهر مقبلة يتحمل فيها الناس الكثير من الديون جراء دخول الإجازات الصيفية والسفر, زيارات الأهل والأقارب, ومجاملات المناسبات الاجتماعية وشهر رمضان المبارك بمصاريفه الباهظة ومشترواته, والعيد بالتزاماته, ومن ثم المدارس والتزاماتها ومن لم يستعد لهذه الأشهر الثلاثة، فلن يكون بمنأى عن ديون تتراكم في غياب شبه تام لميزانية يتحرك من خلالها المواطن وتساعده على تحمل المستجدات والشهور الثقيلة بطلباتها.