ظهر معنى هذا المقال بنصف هذا العنوان قبل 9 سنوات على صفحات جريدة الرياض (6/7/2003م) وختمت المقال حينها بهذه العبارات " أما أنت يا فتاة بلادي ، فليتك تعلمين كم هو سهل مشوار الشهرة، في عصر الفضاء العربي، وقد أروي لك لاحقا -إن شئت- أسرار امتلاك عبارة "أول فتاة سعودية" ، وكيف تفوزين بها في سباق الأوائل هذا، حتى لو كنت لا تجيدين إلا "تخريم البطاطس". كانت هذه الكلمات قبل أن تظهر مجموعة ممن أسمين أنفسهن "الناشطات" وهن عند منتقديهن "فلول" شابات وعجائز يتحركن في كل مطار باسم المرأة السعودية ليتحدثن عنها ويوثقن نشاطاتهن صوتاً وصورة عبر الفضائيات وقنوات " اليوتيوب" فيما يشبه تسجيل الانتصارات. ربما ليست المشكلة في تسابق بعض النساء على طرح مبادرات تعني بحماية حقوقهن وتشريع ما يحفظ لهن الكرامة والاعتبار، الإشكاليّة الكبرى هي أن تتحوّل ملفّات حقوق المرأة السعودية إلى أيدي "استغلال" مشبوهة لتؤذي بها المحبين وتسعد الخصوم وتنتهي بلا نتيجة. هذا إن سلمت منطلقات قضايا المرأة من "المزايدات" الرخيصة بين "الرفيقات" لتسجيل الأسبقية على حساب كل شيء وقيمة. المشكلة الأخرى التي تؤرق المتأمل -الذي يرتهن للحق قبل التيار والانتماء الفكري- هي أن لا أحد يعلم حدود المرجعيّة الفكرية التي تستند إليها نساء امتهن حمل ملفات حقوق "المرأة" عبر المحيطات. نرى إحداهن تتحدث إلينا ومعنا بفضيلة الحقوق التي احترمها ديننا ثم لا تلبث أن تنقلب على عقبيها حينما تولي "لسانها" غربا أو شرقا لتُظهِر مع "الأغراب" جرأة وتجاسرا خارج كل إطار شرعي واجتماعي. في ظل هذه الفوضى ومع وضوح كثرة مسابقات "مزاين" المؤتمرات الدولية .. لا بد من السؤال عن جدوى تأخير تنظيم هذه المطالب تحت مظلة جمعيات مدنية ترعى حقوق المرأة وتحفظ كرامة المجتمع. إذ لم يعد مقبولاً في عصر الحقوق أن تتصدّى مجموعة نساء يائسات محبطات ممن تعرّضن لمظالم ومآسي شخصية في قضايا الطلاق والحضانة والعنوسة لشؤون بقيّة نساء الوطن وباسمهن بدوافع شخصيّة بحتة. بعض هؤلاء لا عمل لهن سوى ارتياد كل تجمّع دولي " مثير" ومن ثم التسابق على فضائيات "بيروت" "ودبي" لتبرير الكلمات والمواقف. الأطرف بعد ذلك ما يحدث على الشبكات الاجتماعية من طرائف وسجالات تتكشف فبها هزال الباعة ورخص البضاعة ومنهج امتهان الحقوق بين التيارات والانتماءات. أما الخاسر الأوحد في كل هذه "الدربكة" فألوف النساء الحقيقيات اللائي هُضمت حقوقهن ولم تتح لهن حتى فرصة التحدث كأبسط الحقوق. كيف تعالج مشكلات المرأة في "حراج" المبادئ وكيف نبيع قضايانا الثمينة في "السوق" العالمي بحفنة دولارات ؟ وما متعة إثارة مثل هذه القضايا مع الغرباء؟ أما النتيجة التي نعرفها ونلمسها بعد كل هذا ..فهي مزيد تأخير إعطاء الحقوق المشروعة واستثارة "استبسال" و"توجّس" مجتمع كم ظل محتارا أمام الراديو، مترددا أمام التلفزيون، مرعوباً في حضرة الإنترنت. **مسارات: قال ومضى : ليس مهماً أن تحلف للعطشان أنك تعطيه الماء الزلال ، فمنظر الكأس والكف التي تقدمه لا يوحيان بالطمأنينة.