ينزل المطر على الأرض الطيبة فينبت زرعٌ أخضر جميلٌ وينزل المطر ليطهر الأرض مما علق بها من غبارٍ وغيره كذا عندما تنزل المحبة في القلوب وتستوطنها فتعانق قلوب الآخرين وتزيل أصداء الأحقاد القديمة والخلافات وتطهر القلوب من رجسها. ينزل المطر فيأتي السيل لا يرده شيءٌ يحمل في طريقه كل الأوساخ ويجرفها وكذا عندما يدفع القلب بسيل من المحبة والاحترام والتقدير للآخر والتصافي مع الآخر لتجرف معها كل ما علق من رواسبٍ في قلوب الآخرين من كرهٍ وحقدٍ وضغينةٍ وحسدٍ ... ينزل المطر فينبت الشجر ويثمر الثمر وينعش البشر ما أحلى المطر! وما أحلى القلوب الرحيمة المحبة! تدور الحياة كطاحونة فتاكة عند من ينظر إلى الحياة بمنظار أسود قلبه أسود يلبس نظارة سوداء لا يكاد يخلعها مليءٌ بكل معاني الكره والضغينة وما شاكلها يطحن بقوله وفعله معها كل جميلٍ بل كل معاني الجمال في الحياة ويتصادم مع كل قلبٍ يريد أن يصافيه فيصبح صدره ضيقاً حرجاً لا يسامح مع أدنى غلطة ولا يعرف العفو أصاب قلبه الصدأ وتآكل متقلب المزاج معقدٌ. يبدو كالعقرب تريد أن تلسع في الخفاء وكحيةٍ تعض في العلن لا يهمه أكسب الأصدقاء أم خسرهم! وكصخرٍ منحدرٍ من أعلى جبلٍ يفاجئ بمصائبه الذين هم بالأسفل بالتحطيم والموت. وخلف هذا التناقض الحاد في المشاعر الصاخبة والمعنى الإنساني الذي انفطر على الحب والتعايش الكريم والصفاء والنقاء يمتطي هؤلاء التعساء صهوة الخصام ويتخبطون في الظلام يرفرف حولهم يبدد نور كل من واجههم من الأهل والأحباب والأصحاب ويبيدون بأسلحتهم النارية القولية والفعلية كل القلوب البيضاء ويدوسون الأخلاق الكريمة. فيا شيب قلبي عندما نسمع أو نطالع في صحفنا بين الفينة والأخرى أخباراً عن عنف أو مشاجرة أو ملاسنة أو أن فلان اقترف السحر أو الخطف أو القتل... والداهية تكون أكبر لو كان ذلك العنف أسرياً فأولئك قد نقش على قلوبهم (أنا لا أعرف الحب) (أنا جاد) .. (أنا جاف).. (أنا معقد) .. (أنا مخلوق آخر).. فابتعدوا عني. اللهم لطفك بنا بك استجرنا وبك المستعان.