صحف دولة الإمارات تشكو من غلبة العنصر الوافد في تركيبة السكان بالدولة.. بينما الناس خارج الإمارات يتحدثون بإعجاب عن تجربة دبي الاقتصادية التي جذبت رؤوس الأموال الأجنبية والمستثمرين من كل مكان! الأماراتيون في دبي غرباء لأنهم أقلية.. وتشير إحدى الإحصائيات إلى أن نسبتهم إلى إجمالي سكان الإمارة لا يتجاوز إثنين بالمائة!! ولنا أن نتخيل بلداً 98٪ من سكانه وافدون لا تربطهم به سوى المصلحة العابرة!. أما دولة الإمارات نفسها فلا تتجاوز نسبة الاماراتيين فيها عشرة بالمائة! وقد نُشر في أبوظبي تقرير رسمي عن مخاطر تزايد نسبة الوافدين إلى إجمالي سكان البلد.. وهذا يعني أن المسؤولين في الدولة مدركون لحجم وفداحة المخاطر التي تواجهها البلاد ما لم يتم وضع حد لهذا التنامي الأجنبي في التركيبة السكانية. وفي المملكة توجد نسبة كبيرة من الوافدين، لكننا نظل في وضع أفضل بكثير مما هو موجود في دول أخرى من دول المجلس. ومع ذلك فإن هناك من ينظر إلى دبي على أنها النموذج الذي يجب احتذاؤه وخصوصاً عندما يكون المجال هو السعودة التي تتبناها الحكومة. إن العديد من المقارنات التي تعقد بين تجربة دبي وتجربة المملكة في مجال التجارة والاقتصاد تأتي في سياق ينتهي إلى تفضيل تجربة دبي لأن مثل هذه المقارنات جزئية سواء من حيث تأثيرها الآني أو المستقبلي. ومن المؤكد أن النهضة التي تشهدها دبي تثير الإعجاب، فقد استطاعت خلال سنوات قليلة ان تبرز كمركز تجاري عالمي يجتذب المستثمرين من كل مكان. لكن العنصر الذي يغيب في هذه المقارنات هو مدى انعكاس هذا الحضور الأجنبي الطاغي على بيئة الإمارات ليس فقط اقتصادياً بل اجتماعياً وثقافياً وأمنياً وسياسياً. ثم هل يمكن أن يعوض هذا الحضور الأجنبي - في المدى الطويل - عن تضاؤل دور المواطن وأهميته في إدارة شؤونه!؟ وهذا السؤال لا يواجه إمارة دبي بل يواجه جميع دول المنطقة.. لكن نموذج دبي يبدو صارخ الدلالة!. إن صاحب الورشة الصغيرة، وربما صاحب البقالة أو محل التميس والفول، يتغزل في البيئة الاقتصادية الحرة في دبي ويهدد بالانتقال إلى هناك كلما واجهته عقبة في مجال الاستثمار.. وهذا من حقه لأن رجل الأعمال الناجح، سواء كان يبيع الطائرات أو الفول المدمس، يجب أن يبحث عن الربح أينما وجده.. لكنني أشك كثيراً في أن الحسابات دائماً دقيقة! فمن يضحك أخيراً يضحك طويلاً كما يقول المثل الأجنبي.. وهذا هو ما يغيب تماماً عندما تُطرح تلك المقارنات السريعة المتحمسة!.