نسمع، ودائما ما نسمع عن قصة تجاوز مالية مرعبة، حدثت في وزارة معلومة الاسم والاختصاص ، ونفذها رجال لهم اعتبار من "الوزن الثقيل" ، قصص اختلاس تتبعها قصص اختلاس، رددتها الألسن حتى فجت الصدور وحطمت الادمغة، ومن كثافة هذه القصص أصابنا مرض التخوين وعدم الأمانة، وأصبحنا نبحث عن النقاء وسط هذه الضبابية الخانقة فلم نجده إلا بقصائد الرثاء على رجال قضت الأمانة على حياتهم ، فتبا للأمانة القاتلة. نحن نسمع ولم نشاهد ولم نتحقق، أغلب قصص الاختلاسات حكايات لا نملك الدليل على ثبوتها ولا نفيها، ولكن الحديث عن وقوعها مستمر ولم ينقطع، وكم أمين بيننا نالت من سمعته مثل هذه القصص، وشتت كل ذرة من كرامته، ولا عزاء للأنقياء وسط هذا الكم الهائل من الإشاعات ، إلا بدواء من نفس العمل، التحقق الأمين ثم الإدانة، وهذه ليست مهمة مطلقي الإشاعات وتجار النميمة ، ولكنها مهمة القائمين على صيانة الأمانة ، والباحثين عن الحق في كل رواية اختلاس ، تنقية الجو العام من الاشاعات أمر لا يجب إغفاله بعد تزايد حالات الإحباط من هذه القصص المقيتة ، نقر بأنه أصبح لدينا في أغلب الجهات الرسمية متحدث رسمي، بدون أن يكون لديه حديث رسمي ، فانشغل هو الآخر بالإشاعات حتى آثر الاختباء ليستريح هو بدون أن يريح، ثقافة مخاطبة الجهمور لدينا لا تختلف كثيرا عن ثقافة خطوبة فتاة ، نتقدم بما هو جميل لدينا ليتم الموضوع على خير، ونخفي العيوب لما بعد الزواج أو الكارثة..، إظهار العيوب نقيصة في عرفنا ومداراتها عن محيطها فن أبدعنا في إتقانه، إلا أن أصبحت الإشاعة مصدرنا الوحيد للحكم على الأحداث. الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، هيئة وطنية بامتياز، فقد بدأت عملها بكشف الذمة المالية لمنسوبيها والقسم الأمين على العمل الأمين، بداية مخلصة، لعمل شاق وحذر، ومن هذا الفتح الجديد ، يمكننا أن نصنع خطابا أمينا وصادقا يقدم لجمهور متعطش الحقائق، بعد أن اختنق من الإشاعات، ويكون لدينا إدارة في كل وزارة تتبع الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، معروفة ذمتها المالية ومقيدة بقسم عظيم، تتابع حركة المال واجراءات الصرف ومشروعية المناقصات ، تراقب وترصد وتزود جمهورها العام بالمعلومة الصادقة والأمينة ، لنقطع الطريق على صانعي الإشاعات والمتربصين بأهل الخير والأمانة ، وتسقط أقنعة الكاذبين بالحق الطاهر والأمين.