رغم مرور عام بالكمال والتمام يوم الثلاثاء الماضي على إنشاء الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، إلا أننا لم نر منها حتى الآن ما يحقق توقعاتنا رغم مرور عام بالكمال والتمام يوم الثلاثاء الماضي على إنشاء الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، إلا أننا لم نر منها حتى الآن ما يحقق توقعاتنا، فلم نسمع على سبيل المثال أنها أمسكت حالة واحدة من المخالفات التي يعرفها المواطنون! وحتى لا تنشغل الهيئة ويسرقها الوقت في ترتيب نفسها، عليها أن تسرع وتعلن عما حققته في تجفيف الفساد لكي يطمئن الناس بأن الفساد تحت المجهر والملاحقة وسوف يتم القبض على أصحابه ليُحاكموا. لا أحد يعرف ما إذا كانت الهيئة لديها مشكلة تعيقها عن تحقيق هذه المطالب والواجبات، فمن خلال الإعلان الذي نشرته في الصحف، شعرت أن الوقت سوف يمضي ربما لأكثر من عام آخر ريثما يتم الإمساك بالفساد. الإعلان ببساطة يخاطب المواطن ويحثه ليكون (الرقيب الأول) على المشاريع ويطالبه بالإبلاغ عن المتعثر والمتأخر منها، ويطلب منه أيضاً ملاحظة عيوب التنفيذ! وأنا هنا أتساءل: هل كل هذه المهام من مسؤولية المواطن أم مسؤولية الهيئة نفسها؟ هل يعني ذلك أنها تعاني مثلاً نقصاً في الكوادر الرقابية.. أم ضعفاً في آلية تتبع الفساد؟ تُرى هل تحتاج لمن يدلها على وجود الفساد؟ أنا أعرف أن دور المواطن مهم ولابد أن يتعاون معها، ولكن في نفس الوقت لا يمكن أن نحمله بهذه المهام التي يطلبها منه إعلان الهيئة في الصحف. من المفترض الآن وبعد أن أكملت الهيئة وضع التنظيم الخاص بها بعد مرور الأشهر الثلاثة الأولى، كما نص مرسوم إنشائها، أن يستطيع موظفوها اكتشاف حالات عديدة من الفساد التي يعلمها المواطنون، لأنهم يرونها نهاراً جهاراً أمام أعينهم، ولنأخذ مثالاً بسيطاً من الشوارع، فما تحمله من نتوءات (ومطبات) ورقع لهو خير شاهد على التلاعب بالمال العام وهدره، فالمعروف أن أي شارع أجريت عليه أعمال التمديدات، لم يرجع إلى حالته التي كان عليها، وفي ذلك دلالة على عدة شواهد للفساد منها: عدم التزام المقاول بالمواصفات، وهذا دلالة على أخذه مالاً أكثر مما يستحق، ودلالة على تقاعس الجهة الحكومية صاحبة المشروع عن المراقبة وسكوتها على المخالفة وعدم حمايتها للمال العام من السرقة. إن أبسط شيء يطلبه المواطن من الهيئة المؤتمنة على محاربة الفساد هو: أن تعلن عن الحالات التي تستوجب التحقيق والمساءلة. والأمر الثاني أن تعيد الشوارع (المرقعة) إلى المقاولين ليعيدوا رصفها حسب مواصفات عقود المناقصة، ذلك أن هذا الإجراء رغم بساطته، فهو يعد رسالة لأصحاب مشاريع المياه والمجاري والسدود والطرق والأنفاق.. ورسالة أيضاً لكل مسؤول متلاعب بالمال العام، تحذرهم وتقول لهم إن الفساد سوف يلاحق.. عندئذ سوف يطمئن المواطن أن المال العام في أيد أمينة ومحفوظ من الضياع .. وأن المشاريع التي عملت من أجله سوف تنفذ بجودة عالية تعود عليه بالفائدة.