بدأ حديثه الاجتماعي ضاحكاً وكأنه يقول نكتة مخبوءة داخل لغز يستدعي الحل. كان يتحدث عن رؤاه وسط اجتماع عائلي يحوي كل الأعمار ..وبالتالي كل المفاهيم المتدرجة. ولم يتوقع أحد السؤال فهو من عالم التأمل الصحو المعلم والمضيء الذي يزورنا في أوقات هادئة ولافكار تفرض نفسها أحيانا عند مواجهة محطات العمر وخيارات الدروب.ولكنه قطعاً ليس مكاناً لنقاش المفهوم وفقا لتيار العصر السريع مثل كل مؤثراته، خاصة وانه يتسلق الأجواء ويتنقل بين أزمنة القارات . من كان يتوقع إذن ،ان تهرول به السنون إلى عمر التقاعد وهو مازال في منتصف الخمسين؟ ففي زمن مضى أضيفت سنوات عدة لعمره الحقيقي لوثيقة سفر منفصلة كي يتمكن أهله من إرساله للتعلم في الخارج منذ الصغر المبكر. وتعوّد على وضعه ولم تهمه السنوات المضافة حتى عندما تتداخل الأشياء والمواقيت وتهتف به دهشة الآخرين من كل ذلك الاختلاف. وحكى كيف واجه موقفاً صعباً في عمله مؤخراً وكيف تفاعل مع تحديات الموقف بما يملك من خبرة وكأنه في معركه تتطلب الموازنة في كل حركة حتى انه استرخى على كرسيه بعد انتهائها والعرق يتصبب من جبينه. : ألهذه الدرجة كان صعبا؟ “أولم تواجهه من قبل ؟ “ما الجديد في ذلك الموقف احكي لنا..نريد أن نعرف". لقد تعود على تلك الأسئلة بالطبع ومن جميع من يعرف كلما استجدت ظروف عمله بشيء جديد او غير متوقع،غير ان الفضول يزداد الآن خاصة من الأجيال النامية فسكت قليلاً قبل أن يتنبه أن الجميع ينتظر إجابته فأخذ يحكي التفاصيل فقال وهو ما زال يحمل ابتسامته " نعم واجهته من قبل ولكن ليس بصورة المتأمل وإنما المؤدي لعمله غير ان زميلي اليوم حرك بي التساؤل عندما هتف عندما انتهي الامر" لمَ لا تبقى معنا فلديك خبرة نحتاجها، ان غيرك يلهو في سني أعمارهم وانت لا تصححه؟ وهز الجميع رؤوسهم موافقين ..صحيح لمَ لا ؟ ابتسم من جديد وسكت مرة أخرى.وعاد لطريقته بالحديث الممزوج بتداخل الأفكار والتعابير المرحة. وعندما التفت إلى قريبة معنا أسأل رأيها رأيت ان محور التساؤل بين الحرفنة وهي أقصى درجات المهارة العملية ، ووعي الخبرة وتراكم التجارب قضية تستحق التأمل.فوددت مشاركتها فقلت أيهما أهم في رأيك؟ قالت بهدوء " لاشك ان الحرفنة في أداء العمل أمر رائع ومطلوب في هذا العصر غير انه في ظروف استثنائية أو متطلبة ماذا تفعل مهارة الحرفنة دون الخبرة ؟ ووجدت ان في إجابتها منطقاً يجدر بنا كمجتمع أن نتأمله خاصة وأننا نحاول المحافظة على كل مكتسباتنا الإنمائية، ومهارة العمل ان امتزجت بالخبرة تصبح بلغة العصر مدرباً ميدانيا لكل العاملين الشباب .