هذا كتاب جديد في فكرته طريف في موضوعه أسمته مؤلفته الدكتورة سامية محرز أستاذة الأدب العربي الحديث بالجامعة الأمريكية في القاهرة (أطلس القاهرة الأدبي.. مئة عام في شوارع القاهرة) الصادر عن دار الشروق مؤخراً. يضم الكتاب قرابة مئة نص أدبي من عالم الرواية استطاعت أن تكتشفها المؤلفة من بين ركام النصوص الكثيرة التي تعانقت مع شوارع القاهرة وأزقتها وتفاعلت مع فضاءاتها وهو أمر ليس بالسهل أن ينجزه أي باحث مؤكدة أن المدينة ليست مجرد حضور مادي يعيد الكتاب إنتاجه، بل هي بناء لا ينفك سكانه وهم في هذه الحالة كتابة وأدباؤه يعيدون اختراعه كل تبعاً لعينه الخبيرة. تقول في مقدمتها للكتاب: يقدم أطلس القاهرة الأدبي طبوغرافياً أدبية متضافرة لتاريخ المدينة الاجتماعي والثقافي والسياسي والمديني من خلال حوالي مئة عمل لكتاب مصريين وعرب يمثلون أجيالاً عدة من الرجال والنساء المسلمين والاقباط واليهود، وهم بذلك يقومون بإعادة بناء جغرافيتها الأدبية ولتجربتهم مع مواقعها المختلفة أن تزيد من وضوح مشهد المدينة ومقروئيته. وقد تناولت الدكتورة محرز نصوصاً متعددة الأساليب فمن الأسلوب النثري الذي يحاكي شكل المقامة إلى أسلوب كتاب مطلع القرن العشرين الكلاسيكي الرفيع إلى ضروب التجريب مع لغة ثالثة تجمع العربية المكتوبة والمنطوقة. أما عن اختيارها للرواية في هذا الكتاب فتبرر المؤلفة هذا الصنيع الحسن لا لارتباط الرواية بالقومية ونشوء التخيلات القومية الحديثة وحسب بل لارتباطها بالمدينة ومركزية التجربة المدينية اللتين غدتا مسيطرتين على نحو متزايد في القرن العشرين. انطوى الكتاب على أربعة فصول جاء الفصل الأول بعنوان خطط القاهرة ويرى فيه القارئ المدينة وهي تتوسع وتتغير بنمو متسارع من مركزها التاريخي وممن تناولت أعمالهم في هذا الفصل نجيب محفوظ ويحيى حقي ومحمد جلال ورضوى عاشور وإسماعيل ولي الدين ومحمود الورداني. في حين جاء الفصل الثاني بعنوان فضاءات عامة وهو يرتكز على تمثيل بعض معالم القاهرة من الأهرامات القديمة إلى المراكز التجارية الحديثة واختارت لهذا الفصل أعمالاً جمال الفيطاني وصنع الله إبراهيم ويوسف السباعي وخالد الخميسي وميرال الطحاوي وسعيد الكفراوي وآخرين وتناول الفصل الثالث الفضاءات الحميمة وفيه تكشف المؤلف خصوصية البيوت والفضاءات الحميمة ومبرزاً الطقوس المنزلية وكان من كتاب هذه النصوص سامية سراج الدين واندريه جيد ونجيب محفوظ وألبير قصيري وأمينة السعيد وبهاء طاهر وعلاء الأسواني ومكاوي سعيد وحمدي أبو جليل وغيرهم. أما الفصل الأخير والموسوم بأن تتنقل في القاهرة وهو يرسم خارطة للكيفية التي تتقاطع به حيوات هؤلاء القاهريين المختلفة أشد الاختلاف وهم يتجولون في المدينة في وسائل النقل الخاصة والعامة وأعتمدت في نصوص هذا الفصل على كل كتابات طه حسين وثروت أباظة وإحسان عبدالقدوس وسلوى بكر ورؤف مسعد وسحر الموجي ومنى برنس وأحمد العايدي.