"البيئة": أمطار في 8 مناطق والجوف الأعلى ب17.8 ملم    محافظ الجبيل يستقبل المهنئين بالعيد ويزور المرضى المنومين    أكثر من 122 مليون قاصدٍ للحرمين الشريفين في شهر رمضان للعام 1446    الذهب يسجل رقمًا قياسيًا جديدًا بدعم من الطلب المتزايد والمخاوف الاقتصادية    نمو الناتج الصناعي لليابان بنسبة 2,5 % خلال الشهر الماضي    وسائل إعلام: ترامب يعتزم زيارة السعودية في منتصف مايو    ترامب: لا أمزح بشأن سعيي لفترة رئاسية ثالثة    أمير منطقة تبوك يستقبل المهنئين بعيد الفطر المبارك    أمطار رعدية مصحوبة بزخات من البرد على معظم مناطق المملكة    ما أصل "العيديّة"، وكيف تغيّر اسمها عبر العصور؟    أسعار النفط تتراجع وتتجه نحو أول خسارة فصلية منذ فصلين    المعالم الأثرية بالأحساء تجذب الأهالي والمقيمين في عيد الفطر    بطابع الموروث والتقاليد.. أهالي حائل يحتفون بالعيد    فعالية تراثية في نجران احتفاء بعيد الفطر    فعاليات عيد الطائف تجذب 200 ألف زائر    قائد الجيش السوداني: لا سلام مع «الدعم السريع» إلا بإلقاء السلاح    خالد بن سلمان يستقبل قادة وزارة الدفاع وكبار مسؤوليها    فيصل بن مشعل يرعى حفل أهالي القصيم بعيد الفطر المبارك    إطلالة على اليوم العالمي للمسرح    المملكة ترحب بتشكيل الحكومة السورية    خادم الحرمين: أدام الله على بلادنا أمنها واستقرارها وازدهارها    ولي العهد يؤدي صلاة العيد في المسجد الحرام.. ويبحث المستجدات مع سلام    «سلمان للإغاثة» يوزّع 644 سلة غذائية في محلية بورتسودان بولاية البحر الأحمر في السودان    انقطاع الكهرباء عن مئات الألوف في شرق كندا بسبب عاصفة جليدية    رابطة الأندية المصرية تلغي عقوبة خصم 3 نقاط من الأهلي بعد انسحابه أمام الزمالك    إنجاز إيماني فريد    الأمانة والدواء البديل.. رأي أم مخالفة؟!    «الإذاعة والتلفزيون» تميزت في محتوى رمضان    جولة مسرحية لتعزيز الحراك الثقافي بالمملكة    ولي العهد يؤدي صلاة العيد في المسجد الحرام ويستقبل المهنئين    بنهاية شهر رمضان.. تبرعات إحسان تتجاوز 1.8 مليار ريال    نتج عنه وفاتها.. الأمن العام يباشر حادثة اعتداء مقيم على زوجته في مكة    سر تأخر إعلان الهلال عن تمديد عقد البليهي    عيد الدرب.. مبادرات للفرح وورود وزيارات للمرضىع    بين الجبال الشامخة.. أبطال الحد الجنوبي يعايدون المملكة    جوارديولا غاضب بسبب موسم مانشستر سيتي    أمير منطقة جازان يعايد العامري والشيخ معافا    ولي العهد وسلام في صلاة العيد.. لقطة تعكس ثقة السعودية في القيادة اللبنانية    أكثر من 49 ألف مستفيد من الخدمات الطبية بجوار المسجد النبوي خلال شهر رمضان    خادم الحرمين: أهنئكم بعيد الفطر بعد صيام شهر رمضان وقيامه    توقعات بهطول أمطار غزيرة على 7 مناطق    كاميرات المراقبة تفضح اعتداءات المستوطنين في الضفة الغربية    ثنائية مبابي تهدي ريال مدريد الفوز على ليجانيس    ارتفاع حصيلة قتلى زلزال ميانمار إلى أكثر من 1000    العيد انطلاقة لا ختام    896.551 شحنة بريدية تم تسليمها يوميا برمضان    1320 حالة ضبط بالمنافذ الجمركية    أمير القصيم يشكر خادم الحرمين على تسمية مستشفى شمال بريدة مستشفى الملك سلمان    بلدية وادي الدواسر تُكمل استعداداتها لعيد الفطر بتجهيز الميادين والحدائق    ولي العهد يتلقى اتصالاً هاتفيًا من رئيس دولة الإمارات    ولي العهد يوجه بتوفير أراض مخططة ومطورة للمواطنين في الرياض    خلال أسبوع.. ضبط 25 ألف مخالف للأنظمة    وزارة الداخلية.. منظومة متكاملة لخدمة وسلامة وأمن ضيوف الرحمن    تجمع الرياض الصحي الأول يحقق أرقاماً قياسية في ختام حملة "صم بصحة"    أبشر بالفطور تختتم أعمالها بتغطية محافظات الشرقية و توزيع ٥٠ الف وجبة    تجمع الرياض الصحي الأول يُطلق حملة «عيدك يزهو بصحتك» بمناسبة عيد الفطر المبارك 1446ه    أكثر من 70 ألف مستفيد من برامج جمعية الدعوة بأجياد في رمضان    حليب الإبل إرث الأجداد وخيار الصائمين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العطشجي وفلسفة الخوف
نشر في الرياض يوم 10 - 05 - 2012

بداءةً لا توجد قصة جيدة وقصة سيئة؛ لأن المفاضلة تقوم على الاحتكام إلى معايير، والعمل الإبداعي أدبا كان أو رسما أو موسيقى جاحد لكل الأغلال !
ورغم أنها باكورة انتاجه فإن مجموعة العطشجي القصصية تعد أفضل جواز سفر يأخذ بتلابيب الأديب الشاب محمد فاروق لدولة القصاصين المتميزين .
فالنظرة العجلى على المجموعة القصصية « العطشجي « الصادرة عن دار ليلى للنشر تفضح استيلاء هاجس الميتافيزيقا بكل مخلوقاته العجيبة والغامضة على الكاتب، وهو الأمر الذي ضمن له الولوج الى عالم القصة من أرحب أبوابه ، من خلال ما يمكن تسميته ب» السحر الواقعي» – خلافا للواقعية السحرية – ففي هذا الطراز من الأدب لا يأتي القاص بالمستحيل في سياق الواقعي، وانما يأتي بالواقع الغريب الذي يكاد يتلبس بلبوس الخيال ، فهو لا يقول لك مثلا إن العفريت قد تجلى لفلان واحتسى معه القهوة قبل أن يخطف منه الحياة، ولكنه يوحي لك بأن ثم كائن ميتافيزيائي في الجوار، ثم يدع هذا الكائن يعبر عن ذاته كما يروق له ، دون أن يقع في فخ الخيال الملفق الذي هو آية فجاجة في الصنعة القصصية . إن اختيار القاص لتكون مجموعته في منطقة الأعراف بين الواقعية والخيال، أمر ينبئ عن فطنة أدبية؛ لأن الواقع نعيشه ولسنا بحاجة لنشتريه في قصة أو فيلم سينمائي ، والخيال المحض لا تعجز عن اتيانه قرائح الأطفال ، وإنما الحذق في المزج بين الاثنين .
والعطشجي تتحدث عن شخصية عجيبة ممن لا ينتمون الى هذا العالم ، تتعرض لبعض الظلم الذي تمليه الظروف، ومن ثم تتحول هذه الشخصية بفضل ما ينسجه عليها خيال الناس المريض بالخوف من بشاعات وأهوال الى شر مميت .
العطشجي هو كناية عن خوفنا الطفولي، إذا نظرنا له أفقيا، وهو البروليتاري المسكين في المجتمع الرأسمالي إذا نظرنا له رأسيا، هو الذي حكم عليه القدر بأن يكون فقيرا منزويا يعيش في حلزونة وحدته بعيدا عن العالم لمدة خمسين خريفا، ومن ثم يجد نفسه مشردا بعدما قضى في عمله نصف قرن، ورغم أنه قد أطلق سراحه من اعتقال العمل أخيرا ، فإنه يرى في ذلك إهانة عظيمة ، فالجحيم وإن كان جحيما إلا أنه مأوى على الأقل !
ويسخر الكاتب خلال 130 صفحة - عدد صفحات المجموعة - من شيء واحد وهو النفس البشرية المفطورة على « الميتافيزيا فوبيا « وهو الخوف من كل ماهو غير مادي وغير قابل للقياس ، وفي غضون ذلك تحاول المجموعة من خلال هذه الكوميديا السوداء الإجابة بشكل أدبي عن سؤالين فلسفيين وهما « ما هو الخوف ؟ ولماذا نخاف ؟» ويحاول القاص في ثنايا مجموعته أن يسوق القارئ إلى الإجابة على هذين السؤالين .
وقد استخدم الكاتب ضمير المتكلم في أغلب القصص كحيلة للزلفى من قلب القارئ وهي استراتيجية اكسبت احسان عبدالقدوس تألقا في عالم القصة ، فهو يخاطب القارئ ، الذي يراهن أنه مر بتجربة تشبه إحدى التجارب التي يقرؤها في المجموعة، انه يذكر القارئ بطفولته عندما كان لقمة سائغة للخوف ، مؤكدا ان خوف الطفولة لم يضمحل تماما وإنما قد كبر معنا دون أن نشعر ، أنه محفور في ذاكرة كل شخص فينا ومستعد للخروج في أي وقت ، ورغم ميزة استخدام ضمير المتكلم في سهولة اختراق قلب القارئ ، إلا أن ابرز عيوبه يكمن في النهايات التي لا ينجو فيها البطل ، وإلا فكيف كتب المؤلف القصة و قد مات في النهاية ؟! وهو ما تحايل عليه الكاتب في قصة الغريب الذي عبر فيها بالشخص الثالث عن الشخص الاول . حيث استخدم الكاتب حيلة جيدة وهي التحدث بضمير المتكلم رغم أن المتحدث هو ضمير الغائب نفسه ! أي أن أحد أفراد القصة يتحدث بلسان رفيقه وكأنه هو الذي يتحدث وهكذا فعندما يتحدث عن نفسه هو يتكلم بضمير الغائب !
وقد أضفى هاجس الميتافيزيا فوبيا وحدة موضوعية على المجموعة التي جاءت سردية ومطعمة بالحوار القصير ، فرغم اختلاف الحبكات والشخوص والعقد ، فإن القد كان شبه متسق، وهو ما يؤكد فرضية ماركيز في أن مختلف محاصيل الأديب هي في النهاية محصول واحد يمكن ربطه في حزمة روائية واحدة، وقد صدق ذلك في العطشجي التي كان من الممكن رأبها في رواية واحدة !


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.