سألت أحد الشعراء من كبار السن عن قصائده القديمة وهل يستطيع إعادتها لسماعها منه وقال : أنا من طبعي ما القي القصيدة إلا أن تكون تامة أو ما أقولها لان تقطيعها يضيع قيمة القصيدة وكررت عليه سؤال آخر لماذا ضاعت بعض أبيات قصائدك ؟ فقال المجالس والاجتماعات لم نعد نجد فيها من يسألنا عن القصيد أو يتباحث معنا فيه وتسبب ذلك في نسيان وعدم حفظ القصيد. عندها أدركت انه محق في إجابته فقد كانت المجالس قديما يسعد أهلها عندما يكون ضمنهم شاعر يسألونه عن قصيدة وعن قصائد شهيرة من قائلها وخلال هذا النقاش الأدبي يتم أيضا تصحيح القصائد المتداولة ويصبح الحديث اقرب ما يكون للبحث في مجال الأدب الشعبي على عكس ما يحدث اليوم الذي لا يجد الشاعر نفسه سوى في أمسية شعرية في مناسبة عامة أو خاصة وفي ظل توفر التقنيات الحديثة واتجاه معظم الشعراء للتدوين وحفظ القصائد في دواوين مقروءة أو صوتية يبقى للشاعر فرصة وقناة للتواصل مع المتلقي ولكن يبقى جمال القصيدة وروعتها عندما يلقيها صاحبها بإحساس شاعري كما أن الشاعر يجد نفسه وهو وسط من يبحث وينقب عن قصائده ويسأله عن مناسبتها. ومعظم روائع القصيد القديمة تم حفظها وتداولها من المجالس التي يتواجد بها الشعراء والرواة وهذا ما جعل الأجيال تتناقل وتحفظ الشعر ومناسبته حتى اصبح في حينه شاهد على الحدث ومصدر توثيق عالي المصداقية كون الحدث موشوم بأبيات القصيدة التي قيلت في تلك المناسبة.