شهد سوق الأسهم السعودية - ومازال - تزايداً في قيمته السوقية وصلت إلى مستويات قياسية لم تشهده السوق فسجلت أرقاماً تاريخية لعدد من المؤشرات والتي من أهمها القيمة السوقية وأحجام التداول وعدد المشتغلين فيه. وصار السوق حديث الاقتصاديين والمستثمرين والأشخاص العاديين فتباينت الآراء واختلفت التوقعات بناءً على ما لديهم من حصيلة معرفية في السوق. ولكن الجميع يتفق على ان السوق قد وصل إلى أرقام قياسية تاريخية افضت إلى التخوف من حدوث سقوط مفاجئ وانحدار جارف. ولذا لابد من تبرير اقتصادي تبنى عليه هذه الزيادات والنمو الكبير خصوصاً في القيمة السوقية. ان المتتبع لمؤشرات الشركات المتداولة في السوق قد يوحي في بعضها إلى البعد عن المعدلات الطبيعية للسوق أو المتوقعة مما يعني مبالغة في التقويم بينما بعض منها يتفق وتلك المعدلات. فمن المستثمرين من يأخذ بمضاعف الربحية مثلاً (وهو حاصل قسمة القيمة السوقية للسهم على نصيب السهم من الأرباح) كمقياس سريع للمقارنة بين أداء السهم والسوق والذي وصل معدله الاجمالي إلى حوالي 34 مرة ليجد فرقاً كبيراً عن هذا المعدل ومع ذلك تتزايد أسعار هذه الأسهم فهل من تبرير اقتصادي لذلك؟ انه من الطبيعي ان لا يؤخذ فقط بمضاعف الربحية كتقييم لصنع القرار الاستثماري غير ان هناك مؤشرات أخرى ايضاً تدعم رؤية ما ينظر إليه البعض على انه زيادة كبيرة للأسعار. ان الإصرار على تزايد الأسعار ومخالفة معاني بعض المؤشرات في دلالاتها في سوق الأسهم السعودية على الرغم من حدة بعض تقلباته في تقديري جاء بسبب ما يشهده الاقتصاد الكلي وتوقعات نموه الجيدة للفترة المقبلة خصوصاً في ظل تماسك أسعار النفط وزيادة معدلات الانتاج وبالتالي زيادة المداخيل الرأسمالية وانعكاس ذلك على القطاع الخاص والاقتصاد إجمالاً وبذلك يتجاهل المستثمرون فردية الحكم على مؤشرات خاصة بسهم معين إذ ما يجب الالمام به هو الصورة الاجمالية للسوق وليس أفراد شركة أو سهم أو حتى قطاع بذاته. وهذا يعني ان هناك ثقة كبيرة بالأداء الكلي والذي قد لا تأتي نتائجه متفقة تماماً مع أداء شركة بذاتها لأسباب عديدة خاصة بتلك الشركة منها الادارة أو توفر رؤوس أموال أو انفتاح على اسواق جديدة أو غير ذلك من مقومات جودة الأداء والفعالية وتحقيق نتائج إيجابية. وبذلك كأن المستثمرين في سوق الأسهم وهذه الشركات الخارجة عن مألوف السوق في مؤشراتها يتوقعون تغيرات حتمية التحقيق في المستقبل ولذا فهم يصرون على حكمهم بهذه الطريقة لننتهي بمحصلة اجمالية تتفق وتوقعات المنظّرين لجملة الاقتصاد وليس لشركة أو قطاع بذاته. وهذا التعليل لا ينفي ايضاً ما ساهمت به بعض العوامل الأخرى من إسراع في ايقاع الزيادة للأسعار في السوق والتي منها المضاربة والسيولة ومحدودية المنافذ الاستثمارية أو حتى الأسهم المدرجة. لذا فليس غريباً ان نرى قيم السوق بمثل هذه المستويات غير انه بلاشك يجب على المستثمرين صغاراً وكباراً إدراك اننا نتعامل مع سوق ناشئ تتدنى فيه درجات الكفاءة المعلوماتية وبالتالي أحجام المخاطرة. ٭ استاذ المالية المشارك جامعة الملك فهد للبترول والمعادن