الغضب سلوكٌ إنساني فطري يمكن أن يحدث لكل إنسان , لكن الغضب يحدث بصورة متفاوتة بين الناس , ويعتمد على عوامل كثيرة أهمها العامل النفسي . وتشير بعض الأبحاث إلى أن الأشخاص الذين يسيطرون على غضبهم هم أكثر نجاحاً وتوفيقاً من أولئك الذين لا يفعلون ذلك . إن طاقة الغضب طاقة مدمرة وإذا لم توظف هذه الطاقة بشكل عملي فإنها يمكن أن تؤثر في صحة الإنسان وعلى عمله الذي يزاوله . ومن الكتب الجيدة التي تتحدث عن الغضب كتاب الغضب في العمل (Anger At Work) والذي صدر منذ سنوات قليلة. ومن أهداف هذا الكتاب توضيح الدور الذي تلعبه المشاعر والأمزجة في بيئة العمل , بالإضافة إلى إدارة هذا الغضب ليكون طاقة موجهة ومفيدة للعمل .. والواقع أن من يتحكمون في أعصابهم يمكن لهم أن يتفاعلوا بإيجابية مع الآخرين , كما يعرفون كيف يحدون من انتشار المشاعر السلبية التي يمكن أن تحدث في بيئة العمل. ولكن ماهو الغضب ؟ يتكون الغضب من خمسة أبعاد تلقائية متداخلة هي :- 1- السلوك : هو كيفية التصرف أثناء الغضب . 2- الإدراك: كيفية إدراكك الحالية . 3- الدوافع النفسية التي يثيرها الغضب . 4- الاتصال : أي كيف توضح للآخرين أنك غاضب . 5- التأثير : أي كيف توضح للآخرين أنك غاضب . وهذه الأبعاد تتداخل فيما بينها , ولكن كلّا منها يؤثر في الآخر , والعكس صحيح , فما تفكر فيه وأنت غاضب يؤثر في شعورك , كما أن شعورك وأنت غاضب يؤثر في اتصالك بالآخرين , وهذا يؤثر بالتالي في تفكيرك وسلوكك . وهناك تشابه بين الغضب، والضغوط , ولكنهما ليسا شيئاً واحداً , ولا ينبغي الخلط بين إدارة الغضب، وإدارة الضغوط , فالضغوط هي حالة لا توازن بين المتطلبات ومصادر الإشباع , مثل كتابة حضور اجتماعين وإجراء عدد من المكالمات الهاتفية وكتابة عدد من الرسائل , في فترة مابعد الظهر . إن كمية هذا العمل في وقت واحد وفي فترة حرجة هو بلا شك ضغط في العمل . ومن اجل هذا يمكن وضع طريقة للإنجاز مثل إلغاء احد الاجتماعين أو إلغاء بعض المكالمات الهاتفية , وإذا لم تتمكن من ذلك فربما تصبح قلقاً ثم محبطاً أو غاضباً . وقد يكون الغضب ردّ فعل للضغوط , فالصراخ في أطفالك عندما يطلبون منك اللعب معهم وأنت تنجز عملاً مهماً هو مثال جيد على مجابهة الضغوط بالغضب . لكن الغضب لا يحدث نتيجة للضغوط فقط . فكثير من الأشياء تحفز الغضب , لأن مفهوم الغضب أكبر وأكثر تحديداً حيث تتداخل فيه عوامل نفسية وإدراكية وسلوكية , فالغضب إحساس وعاطفة وشعور . وهكذا فإن الأشياء التي نعالج بها ضغوط العمل والحياة لا تصلح للغضب كإدارة الوقت مثلاً ، فالضغط قد يثير الغضب ولكن ليس شرطاً أن تكون غاضباً عندما تكون تحت ضغط ما . وكتاب الغضب في العمل (Anger at work) يهدف إلى توسعة أفقك بحيث ترى سهولة التغلب على الغضب , والتكيف مع رئيسك وزملائك وغير ذلك . وهكذا يمكنك أن تمتص غضب الناس والزملاء وتحول دوافع الغضب إلى طاقة إيجابية وذلك لفرض أهدافك من اجل مصلحة الجميع , ولعل أهم شرط من شروط القيادة أن يسيطر الإنسان على غضبه , وأن يتحلى دائماً بالصبر والإيمان وبالقدرة على توجيه الغضب ليكون حافزاً للتغيير إلى ماهو أفضل.