باريس الآن تشتعل بانتخابات رئاسية لاهبة ونسب فوز متقاربة بين مرشحين قديميْ العداوة، وفي نفس العمر 57. فاجأ الجميع ساركوزي بنجاحه في الانتخابات الأولية بنسبة 27.1% بفارق1.5% عن المرشح اليساري الأول وهي نسبة لم تكن متوقعة بل كان الخوف من سيطرة اليمين المتطرف (الجبهة الفرنسية) وخسارة اليمين الديغولي(ساركوزي). الانتخابات الفرنسية فيها مصادفات ومبالغات. ففي انتخابات 1974 فاز (ديستان) في آخر لحظة عندما أحرج ميتران عن أسعار السلع الأساسية، وفي انتخابات 2002 ضاع اليسار بفوز حزب الأقلية اليمينية(الجبهة الفرنسية) . حزب (الجبهة الفرنسية) نفسه غريب حيث هو في بلد علّم العالم الديمقراطية يدار هذا الحزب المشاغب من عائلة واحدة فزعيم الحزب التاريخي (جون لوبن) هو والد الزعيمة الحالية (ماري) وزوجها هو الشخصية الثانية في الحزب وابنة أختها المرشحة للانتخابت البلدية القادمة، وهو حزب لا يسيطر ولكن من الممكن ان يشارك في السلطة مقابل اصواته التي تمنح الاحزاب الكبرى الغلبة والقوة. أكبر خمسة مراكز إحصائية في فرنسا تبين ترجيح كفة المرشح اليساري (هولاند) وهولاند شخصية يغلب عليها الخجل بسبب شخصية والده القوية والمتعصبة دينياً وذات الميول اليمينية ما جنح بالابن لأن ينهج عكس الاب, هولاند معارض قديم بدون اي خبرة إدارية او شخصية كارزماتية فهو رجل يصفه الجميع بالعادي. للأسف لا أمتلك عدد الكلمات في زاويتي لكي أطرح مقارنة بين الرجلين بخصوص برامجهما الاقتصادية والتعليمية وما يخص الطاقة والبيئة والاستراتيجية الاوربية , وأضيف ما أذيع مؤخرا ضد ساركوزي حيث نشرت الصحف عن علاقات ساركوزي مع القذافي، وعلاقته غير المباشرة بفضيحة(دومنيك ستراوس ) مدير صندوق النقد الدولي ومع ذلك لا زلت أتوقع فوز ساركوزي. كل ما اتهم به ساركوزي لا يوجد حوله أدله والفضائح مهما كانت لا تهز الرأي العام ما لم تحرم المرشح بقوة القانون من الترشيح.. ورغم ما تظهره النسب الاحصائية لصالح (هولاند) فلا زلت أرجح فوز ساركوزي ليس من باب الرغبة فأنا لست فرنسياً ولكن سعودي يهمني فهم الوضع الفرنسي ويوجد منطق قوي يدعم احتمال فوز ساركوزي فالنسب التي كانت تمنح (هولاند)65% وساركوزي 32% منذ أكتوبر تقلصت لتكون 53 بينهما%و47% في آخر إبريل حتى أنصار هولاند يتوقعون فوزه بفارق صغير وهذا ممكن ولكن يوجد المناظرة الشفوية بين الاثنين والتي سوف ترجح فريقا على فريق. التساؤل الآن أصوات الاحزاب الأخرى لمن سوف تذهب بين الرجلين.. هل المناظرة سوف تجلب فريق أغلب اليمينيين من جديد حول ساركوزي وأحزاب الوسط خصوصا أن ساركوزي يتهم خصمه بأنه يجذبهم نحو وضع يشابه الوضع الأسباني من تردّ اقتصادي وخصمه لا يرد ولا يرد أكثر من مناظرة واحدة فقط؟ وهل سوف يعقد حلفا مع اليمين المتطرف مقابل مقاعد وزارية معينة؟ هناك حديث في الصحف أن هذا مستحيل ولكن الماضي يقول إنه قد حدث وممكن أن يتكرر. الإعلام قرر فوز (هولاند) ولكن الصناديق الانتخابية لم تقرر بعد..