تحدث لي احد المتابعين للساحة الشعبية وقال: ربما يصل عدد الشعراء الشعبيين لرقم قياسي لجيل واحد ، وهذا العدد لا تملكه دولة الصين ذي المليار والنصف مليار والسؤال الذي يطرح نفسه هل جميع هؤلاء الشعراء خدموا الساحة الشعبية وقدموا ثراء لها وتركوا إرثا جميلا للأجيال القادمة كما قدم الأوائل من الشعراء المعروفين الذين تركوا أثرا وإرثا ثقافيا لا يمكن إلا أن يكون محطات مضيئة للأجيال الحالية واللاحقة، ومن خلال قراءتي لنتاج هذه الرموز الكبيرة وجدت لكل واحد منهم مدرسته وطريقته لبناء قصيدته ، واختيار مواضيعها ومفرداتها التي يكتب قصيدته فيها وبها ، فمنهم من ابتعد أو اقترب من المفردة العامية الموغلة التي تحتاج لفك طلاسمها والسؤال عنها ، ومنهم من اقترب من اللهجة التي يسميها البعض الراقية أو الحضارية المحكية القريبة من العامية ، وهذا متأت من حكم انتقالهم من مناطق سكناهم إلى المدن بحكم العمل ، ووجدت أكثر من شاعر اتخذ من لهجة البادية أطرا لبناء قصيدته التي يتبَدون بمفرداتها ، ومنهم من أوغل بالرمزية لأسباب إما اقتصادية أو اجتماعية ، ومنهم من جاءت قصائده مباشرة مع شيء من التقريرية لحاجة المتلقي إليها . ولكن ما يحدث حاليا هو الاستخدام الخاطئ للمفردة الشعبية ويعود ذلك إلى عدم فهم المعنى الحقيقي لها ويضعها بعض الشعراء لتعميق المعنى وتأصيل القصيدة كون هذا المفهوم موجودا لدى معظم المتلقين ويأتي بعد ذلك ضعف خبرة الشاعر وتجاوزه لمراحل عدة في مسيرة الإبداع دون إتقانها واكتساب مفاهيمها مما نتج عنه ضعف صياغة الجملة الشعرية وبلورة الفكرة التي يريد الشاعر التعبير عنها وهذا ناتج عن ضعف قاموس المفردة الأصيلة . ومن يريد الوصول إلى مرحلة الإبداع والجمال الشعري يتعرف أولا على المراحل التي مر بها فحول الشعراء والخبرات ومصادرها .