تحدث الكثيرون من النقاد عن تراجع نتائج الكرة السعودية على مستوى المنتخبات والأندية في مشاركاتها الخارجية خلال العقد الأخير لكنهم لم يتطرقوا إلى آثار ذلك الإخفاق الذي امتد الى اضعاف ترابط المجتمع الرياضي وزعزع روح التكافل الإجتماعي التي كانت تسوده ابان حقبه ثمانينيات وتسعينيات القرن الهجري الماضي وضعفت وشائجه اكثر برحيل رواد ورموز الرياضة الكبار .. الرجال الأوفياء الذين كانوا يستشعرون الم ومعاناة الآخرين من الرياضيين ويتسابقون الى مد يد العون والمساعدة بمبادرات خيرية ولمسات وفاء غير مستغربة عليهم تجسد قيمهم النبيلة وشهامتهم ووفاءهم ..وتعكس احساسهم بالمسؤولية وتقديرهم لدورهم القيادي وواجبهم الانساني تجاه المعوزين من شباب ورياضيي وطنهم. اتذكر وانا اتصفح ارشيف " الرياض" ايام الزمن الجميل قراءتي لمبادرات كريمة ولفتات انسانيه قام بها كبار شخصيات ورموز الحركة الرياضية السعودية في مقدمتهم "الرائد الأول" الأمير عبدالله الفيصل بجانب الأمير فيصل بن فهد والشيخ عبدالرحمن بن سعيد والأمير عبدالرحمن بن سعود وابو عبدالله الصائغ وعبدالله بن احمد "رحمهم الله جميعا" تجاه رياضيين في المنطقه الوسطى مروا بأزمات وظروف بالغه القسوة . اليوم بلغ بنا الجحود ونكران الجميل مبلغه حين نتجاهل اصوات الضعفاء من الرياضيين وواجباتنا الانسانية تجاههم بعد تخلينا عن قيمنا الوفائية وتطبيق مبدأ "الوفاء لمن يستحق الوفاء" وبالذات تجاه لاعبين كانوا نجوما كبارا في زمنهم وساءت في الوقت الحاضر احوالهم الصحية والمادية ..ولنضرب مثلا بالهلال زعيم الأندية وأكثرها تحقيقا للبطولات وصاحب الشعبية الأولى لم تفعّل ادارته الحالية دورها الإجتماعي وواجبها الإنساني تجاه لاعبيها القدامى الذين خدموا بإخلاص وضحوا بالكثير وساهموا في احراز بطولاته الثلاث الأولى قبل نصف قرن ..بعضهم اليوم طريح فراش المرض في بيته او مستشفى برغم ان الهلال يعتبر اعلى الأندية دخلا من رعاية شريكه الإستراتيجي موبايلي(60 مليون ريال سنويا) اضافة الى خمسة ملايين ريال مكافأة اللاعبين عند تحقيقهم بطولة لكنها – أي الإدارة – لم تكترث بمساعدة نجوم "امس الهلال " المعوزين باقتطاع جزء يسير من ذلك الإيراد الضخم لبند المساعدات الانسانية لأبناء النادي السابقين والمخلصين في الزمن الجميل..يأتي في مقدمتهم اسطورة هلال الثمانينيات (المنسي ) في المنطقه الشرقيه الكابتن مبارك عبدالكريم الذي ظهر في صورة وفاء نادرة لنجم كبير في مستواه واخلاقه وتضحياته الجسيمة.. وهو يصرف من جيبه على ناديه الكثير من المال بما فيها تضحيته بمنجرته الخاصة التي باعها لينقذ الهلال من ازمة مالية خانقة مر بها عام 1383ه وساعده بذلك في الابقاء على بعض نجومه خلال فترة الانتقالات الحرة انذاك . أيضاً سلطان مناحي كابتن المنتخب والهلال السابق عانى من مشاكل صحية كبيرة ولا يزال طريح الفراش منذ سنوات ..وهناك سالم اسماعيل المدافع الهلالي الملقب ب "الدبابة" وأحد النجوم الذين ساهموا في تحقيق كأسي الملك وولي العهد لموسم 1384 ه أصيب بجلطة وشلل نصفي يعيش اليوم على كرسي متحرك ويقطن في بيت متواضع بحي الجرادية ..ولا ننسى عبدالله خلف ابرز نجوم اليد الهلالية قبل اربعة عقود وقائدها السابق يرقد حاليا على السرير الأبيض بمستشفى المملكة منذ عدة أشهر .. ما الذي يمنع من منطلق التكافل الإجتماعي الرياضي بقاء تلك الأسماء المُقعدة من النجوم السابقين في دائرة الإهتمام الإنساني للإدارة الهلالية فتخصص لهم على سبيل المثال مساعدات مالية شهرية ولو بمبلغ الفي ريال ترسم الفرحة في حياتهم وتجلب السعادة الى نفوسهم في لفتة وفاء وتكريم انساني يبتغي الرئيس الهلالي من ورائها الاجر والمثوبة من المولى عز وجل وتندرج في اطار المبادرات الشهمة ولمسات الوفاء الهلالية التي زرع غرسها الاول مؤسس النادي وقامته الإدارية العملاقه الشيخ الكريم عبدالرحمن بن سعيد "رحمه الله".