قدر المملكة العربية السعودية أن يكون مجتمعها مفتوحاً لكل الجنسيات الوافدة من العالم.. ففضلاً عن ملايين العمالة الوافدة، هناك عشرات الآلاف وربما مئات الآلاف من متخلفي الحج والعمرة الذين يقيمون إقامة غير نظامية في البلاد رغم كل الجهود المبذولة لمكافحة هذه الظاهرة.. ولأننا نعيش في زمن الأيدز والأمراض الفتاكة المعدية التي تنتقل بين الناس بشتى الطرق، فإن وجود هذه الأعداد من المتخلفين ومن المقيمين يثير هاجساً صحياً لابد أن يؤخذ بمنتهى الجدية.. بعض الأرقام المنشورة قبل مدة قريبة تشير إلى أن عدد المصابين بمرض الأيدز في المملكة يتزايد بشكل مستمر وقد وصل إلى حوالي تسعة آلاف مصاب.. وتتركز معظم الإصابات بمدينة جدة حيث تبلغ النسبة 57 بالمائة من العدد الكلي، الأمر الذي قد تكون له دلالاته نظراً لتركز متخلفي الحج والعمرة هناك، وخصوصاً من جنسيات معينة قادمة من دول موبوءة بالمرض. ورغم أن معظم الحالات هي من جنسيات غير سعودية فإن عدد السعوديين يتزايد عاماً بعد عام. وحسب الأرقام المنسوبة لمصادر رسمية، فإن حالات الإصابة في عام 2002 كانت 721 إصابة، منها 204 إصابات بين مواطنين سعوديين، ولكنها ارتفعت عام 2004 إلى 1111 إصابة بينها 262 سعودياً. إن مرض الأيدز هو المرض الفتاك الذي يهدد البشرية في الوقت الحاضر، وقد بلغت الإصابات في أمريكا وحدها حوالي مليون حالة! ويزداد عدد المصابين عالمياً بما يتجاوز نصف مليون اصابة سنوياً! وفي افريقيا وحدها من المتوقع أن يبلغ عدد المصابين ثمانين مليون إنساناً بحلول عام 2005! ويقال ان في افريقيا حالياً أكثر من 12 مليون طفل يتيم بسبب مرض الأيدز! هذه الحقائق المخيفة تجعلنا نضع أيدينا على قلوبنا.. فنحن جزء من العالم رغم أن مجتمعنا - ولله الحمد - مجتمع مسلم محافظ، ولكن كما كشفت الحملات الأمنية الأخيرة التي تنفذها مشكورة الأجهزة الحكومية المعنية فإن بعض البؤر التي تتواجد فيها الجنسيات الوافدة المتخلفة والمقيمة إقامة غير نظامية توجد فيها جميع أنواع المخالفات بما في ذلك الدعارة وتعاطي المخدرات.. مما يعني أنها بيئة تساعد على انتشار الأمراض المعدية الخطيرة ومنها الأيدز! إن الأجهزة الوقائية التابعة لوزارة الصحة تقوم بجهود مشكورة للتوعية.. وقد بدأت هذه الأجهزة تتعامل مع الأمر بشفافية بعد أن كان من الأمور «المسكوت عنها». لكن المجتمع، بجميع فعالياته، مطالب الآن بتصعيد الوعي بخطورة الأيدز وأهمية التصدي له. أتمنى أن يحظى موضوع التوعية بالمزيد من الاهتمام، وخصوصاً بين أوساط الشباب.. فالأمر في غاية الأهمية والخطورة، رغم أن المملكة في الوقت الحاضر تعتبر - بحمد الله - من أقل دول العالم تأثراً بهذا المرض المخيف.