حكي أن امرأة أبي رافع رأته في نومها بعد موته، فقال لها: أتعرفين فلاناً الصَّيرفي؟ قالت له: نعم، قال: فإن لي عليه مائتي دينار. فلما انتبهت غدت إلى الصيرفي فأخبرته، وسألته عن المائتي الدينار! فقال: رحم الله أبا رافع، والله ما جرت بيني وبينه معاملة قط! فأقبلت إلى مسجد المدينة فوجدت مشايخ من آل أبي رافع، كلهم مقبول القول، جائز الشهادة، فقصت عليهم الرؤيا، وأخبرتهم خبرها مع الصيرفي، وإنكاره لما إدعاه أبو رافع. قالوا: ما كان أبو رافع ليكذب في نوم ولا يقظة! قربي صاحبك إلى السلطان، ونحن نشهدُ لك عليه. فلما علم الصيرفي عزم القوم على الشهادة لها! وعلم أنهم إن شهدوا عليه لم يبرح حتى يؤديها، قال لهم: إن رأيتم أن تُصلحوا بيني وبين هذه المرأة على ما ترونه فافعلوا، قالوا: نعم والصلح خير، ونعم والصلح الشطر فأد إليها مائة دينار من المائتين، فقال لهم: أفعل، ولكن اكتبوا بيني وبينها كتاباً يكون وثيقة لي. قالوا: وكيف تكون هذه الوثيقة؟ قال: تكتبون لي عليها أنها قبضت مني مائة دينار صلحاً، عن مائتي الدينار التي إدعاها أبو رافع في نومها، وأنها قد أبرأتني منها، وشرطت على نفسها ألا ترى أبا رافع في نومها مرة أخرى، فيدّعي عليّ بغير هذه المائتي الدينار، فتجئ بفلان وفلان يشهدان عليّ لها. فلما سمعوا الوثيقة انتبه القوم لأنفسهم، وقالوا: قبحك الله، وقبَّح ما جئت به!.