اختتمت الدورة الثالثة من المعرض والمؤتمر الدولي للتعليم العالي فعالياتها التي أقيمت تحت رعاية ملكية كريمة وبمشاركة أكثر من 450 جامعة محلية وعالمية ، وذلك خلال الفترة من 17 – 20 أبريل الجاري, بعد نجاح تنظيمي اكتمل بحضور تفاعلي كبير من مختلف فئات المجتمع المهتمة بالشأن العلمي والأكاديمي. المناسبة التي استقطبت في هذا العام أكثر من 80 جامعة عالية الاعتماد والتصنيف، كانت متعددة في أنشطتها الرئيسة والمصاحبة حيث شملت إتاحة مساحة واسعة من الأجنحة التعريفية ومنصات اللقاء المباشر بالطلبة والأساتذة والمهتمين، كما تضمنت إقامة المؤتمر الدولي بندواته العلمية التي ناقشت قضايا استراتيجية في التعليم العالي تمحورت حول الجامعات التدريسية، كما شملت عقد ورش عمل متزامنة طيلة فترة المعرض تناولت مختلف الجوانب التخصصية في المجال الأكاديمي كما عرضت تجارب تطبيقية متنوعة لعدد من الجامعات..وكانت الميزة الأبرز في هذه التجارب مجتمعة أنها سجلت النسبة الأعلى من حيث الحضور والمشاركة، وهو مايجعل هذه الدورة من المعرض والمؤتمر الدولي للتعليم العالي الدورة الأكثر فاعلية على الإطلاق. 300 ألف زائر على مدى أربعة أيام تجولوا بين 450 من جامعات العالم في مكان واحد وقد نجح المعرض طيلة الأيام الأربعة الماضية في أن يكون المجال الأكثر حيوية لزوار جاء بعضهم من مناطق المملكة المختلفة، وتنوعت اهتماماتهم المباشرة بين السؤال عن فرص الدراسة بالخارج والتعرف على جديد البرامج العلمية و أساليب التدريس والتعلم والحصول على قبول في الجامعات المحلية، بالإضافة إلى طلاب المرحلة الثانوية والباحثين المهتمين بقطاع التعليم العالي أو أعضاء هيئات التدريس أو المحاضرين الذين ترسلهم جامعاتهم وتفرغهم خصيصاً لحضور هذه المناسبة. وفي حين كانت الأرقام المبدئية تشير إلى 280 ألف زائر ، كان من البديهي جدا التنبؤ بوصول الرقم إلى الثلاث مئة ألف زائر مع ملاحظة حجم الحضور والإقبال وهو في حالة من التصاعد الذي وصل إلى ذروته مع الساعات الأخيرة قبل إغلاق المعرض للمرة الأخيرة هذا العام، بعض الأجنحة كانت قد وزعت كل مالديها من مطبوعات تعريفية واكتفت بالشرح الشفهي للطلبة ومرتادي المعرض ، فيما آثر ممثلو كثير من الجامعات البقاء حتى آخر لحظة لإجابة أسئلة الزوار وتقديم الاستشارات والمعلومات التي يحتاجونها للتسجيل والالتحاق أو حتى لمجرد تكوين فكرة يمكنها أن تصنع قراراً مستقبلياً. زائرون يطلعون على العروض المقدمة بعض الجوانب التنظيمية تم تنفيذها في معرض هذا العام اعتمادا على مخرجات التجربة في العام الماضي، وهو التوجه الذي تبناه المعرض والمؤتمر الدولي للتعليم العالي منذ دورته الأولى على اعتبار أن مبدأ التقييم والتطوير يمثل مرتكزا فاعلاً في هذه المناسبة، النسخة الثالثة بدت أكثر اعتمادا على الوسائل التقنية والرقمية الحديثة سواء على مستوى تقديم الخدمات الخاصة بالزوار وإجراء الاستبانات وعمليات البحث أو من حيث توفير المحتوى العلمي والإعلامي لفعاليات المعرض والمؤتمر، كما نجحت هذه النسخة في توفير قيمة أكبر من خلال اختيار جامعات عالية المستوى وتقديم خيارات عملية وتخصصات مطلوبة ضمن الإطار الاعتمادي لوزارة التعليم العالي وبشكل يتوافق مع احتياجات سوق العمل، كما تم تكريس حضور الملحقيات الثقافية مع تغيير مواقعها لتكون في المنطقة ذاتها التي تضم جامعات الدول التابعة لها وهو ما كان حلاً مريحاً للطلاب والزائرين للتعرف مباشرة على خلفيات القبول والابتعاث ومختلف الإجراءات المتعلقة بهما. كما شهد المعرض هذا العام مشاركات للمرة الأولى جاء في مقدمتها جناح الجامعة الإلكترونية السعودية بالإضافة إلى أجنحة لجهات تسهم مباشرة في دعم التعليم العالي وكليات أهلية ومؤسسات أكاديمية جديدة، فيما استمرت الجامعات المحلية والعالمية في عقد اتفاقيات الشراكة وعقود الخدمة طيلة أيام المعرض. أما على مستوى المؤتمر، فقد اختتم أعماله باصدار " إعلان الرياض " الذي جاء عقب 4 ندوات علمية شارك فيها 18 متحدثا دوليا وسعوديا من خبراء واكاديميين في التعليم العالي . تضمن البيان التأكيد على اهمية التدريس والتعليم كأولوية استراتيجية وكوظيفة رئيسة لأغلب الجامعات؛ ونص على أن الأوساط الأكاديمية في الجامعات البحثية – التي تضع البحث العلمي في مقدمة أولوياتها – تمنح عملية التدريس درجة عالية من الاهتمام، وقد بدأت الجامعات والكليات العالمية تنافس في توظيف مواردها لتحقيق أعلى مستويات الجودة في العملية التدريسية لأنها حين تفشل في ذلك، تكون قد أخفقت في تحقيق إحدى مهامها الأساسية. ويضيف نص إعلان الرياض "تعمل الجامعة وفق أنظمة أكاديمية تتباين وتختلف عن بعضها الآخر، فإذا كان من الجامعات ينصب اهتمامها بالدرجة الأولى على العمل البحثي ، فإن معظم الجامعات التدريسية تركز على عملية التدريس والتعلم؛ نظرا لأن النسبة الأكثر من الطلاب تلتحق بهذه الجامعات، بل ويعمل فيها معظم الأكاديميين. رغم كل ذلك نلاحظ أن قياس عملية التميز تنصب في الغالب على المخرجات البحثية للجامعات، كما أن الإسهام الرئيس لكل من الجامعات التدريسية البحثية و الجامعات التدريسية يكمن فيما يتعلمه الطالب في هذه الجامعات، فالتركيز على تدريس عالي الجودة يعد أمرا ذا أهمية بالغة لجميع دول العالم.وتمثل الجامعات التي تهتم في المقام الأول بعملية التدريس والتعلم جزاء مهما لا ينفك عن كافة الأنظمة الأكاديمية المعقدة. ومن ثم فإن تقدير الجامعات التدريسية ودعمها يتوقف عادة على تحديد الأدوار والمهام التي تقوم بها ضمن النظام العام للتعليم؛ فالتميز يكمن في قدرة على تحديد رؤيتها ورسالتها ومهمتها وأهدافها بما يضمن لها المحافظة على مكانتها في عملية التدريس والتعلم". البيان تطرق إلى معايير الجودة العالمية في التعليم العالي مطالباً بتدريب هيئة التدريس على المهارات العلمية التدريسية على اعتبار أن الدرجات العلمية التي تحملها أعضاء هيئة التدريس بنيت على أعمال بحثية ولم تبن على الأساليب التربية الحديثة. ولذلك تحرص العديد من المؤسسات الأكاديمية على إقامة مركز تدريس وتعلم.. يوفر تدريبا مناسبا لأعضاء هيئتها التدريسية الجدد، وتوفر مؤسسات أكاديمية أخرى وسائل مناسبة لمساعدة أعضاء هيئة التدريس القدامى في العملية التدريسية، وجعلت تعلم مهارات التدريس جزءا من برامج وأطروحات الدكتوراه. وبالتالي فإن الاهتمام بجودة التدريس وكفاءة من يقوم به أمر لا غنى عنه في أي عمل أكاديمي. ورأى الإعلان أنه على الرغم من أن الأوساط الأكاديمية في العالم تدرك أهمية تقويم عملية التدريس وقياس ما يتعلمه الطالب في الفصول الدراسية والمختبرات إلا أن الوسائل والأساليب المستخدمة في قياس عملية التعليم وقياس عملية مخرجات التعليم لا تزال جديدة ، مطالباً بزيادة الجهود المبذولة واستمراريتها في هذا المجال؛ لأن الارتباط بين التدريس والتعلم وثيق مما يحتم بالضرورة قياس هذه العملية بشكل تكاملي. مضيفاً "لا شك أن عملية تقويم جودة التدريس يحكمها مجموعة من العوامل تتمثل في الجهة التي تتولى عملية التقويم والنظام الذي يحكمها وثقافتها الأكاديمية والبيئة المحيطة بها، إضافة إلى أن أساليب تقويم عملية التدريس ليست جامدة وإنما تخضع للتطوير بما يتناسب مع رسالة الجامعة ومهمتها". في ناحية أخرى، تناول إعلان الرياض الأساليب المتبعة في تقويم عملية التدريس الاعتماد على تقويم الطلاب للمعلمين، وربط بعض الجامعات ترقية أعضاء هيئة التدريس بتحقيق درجة تقويم كافية من الطلاب بهدف تحفيز الأساتذة لتحسين طرق تفاعلهم مع الطلاب في المواد التي يدرسونها.وختم بالتشديد على أن طبيعة التغيرات التي تطرأ على المجتمع بشكل متسارع، خاصة في سوق العمل، تستوجب مراجعة المناهج وعملية التدريس والتعلم لمعرفة درجة الفائدة التي تعود على الطلاب في مجال تطوير مهاراتهم، وقدراتهم على حل المشكلات ومواجهتها، وعملهم بفاعلية ضمن فريق عمل، وقدرتهم على الإبداع ومعرفة المتخصصين فيه. وهذا لن يتحقق إلا إذا حافظت الجامعة على درجة من التواصل المستمر مع خريجيها، واعتمدت على التغذية الراجعة لإعادة تنظيم وتجديد المناهج وأساليب التدريس.