لعلك أخي القارئ لاحظت ان كثيراً من المحللين على مر السنين الماضية عندما يتحدث عن سوق الأسهم السعودي يصاحب تعليقه نوع من التهكم والاستغراب في عدم منطقية ارتفاع أو هبوط نسبة كبيرة من أسهم السوق، ولكن غالباً تجد هؤلاء المحللين يقنعون أنفسهم بأنها أسهم للمضاربة فقط وليس استثماراً حقيقياً كحل وحيد لعجزه عن فهم ما يحدث فيها. الحقيقة المرة في المسألة ان ما يحدث مع هذه الأسهم ليس مضاربة بمعنى المضاربة المعروف، أن ما يحدث معها هو مؤامرة مدروسة يتم ممارستها من قبل مجموعات خاصة في أكثر من مناسبة مستغلين جهل المتداولين ومستغلين أيضاً الفوضى العارمة في السوق بسبب نوم الهيئة المنظمة في العسل. أحد هذه الأحداث التي حظيت بمراقبتها عن قرب هو ما حدث مع سهم شركة (...) في الفترة الماضية فقد ارتفع سعر سهم الشركة خلال عدة أشهر أكثر من 100٪ معللين ذلك بخبر سنناقشه لاحقاً في المقالة، نتائج الشركة في الفترات الماضية سيئة جداً ففي السنوات الخمس الماضية لم تحقق أي عائد يذكر على السهم بل كانت هناك خسائر متتالية متوسطها السنوي كان (3,94-) وكما تلاحظ فقد أخذت إدارتها الحالية فرصة أكثر من اللازم لتطوير قدراتها السقيمة، لهذا لا يوجد إدارة جيدة يمكن المراهنة عليها. سيناريو المؤامرة مع هذا السهم بدأ بعد ان أعلن انضمام سهم الشركة إلى القائمة النقية للجنة أحد البنوك الشرعية، ولكوننا شعب نبحث عن الحلال التفت كبار المضاربين (رؤوس المؤامرة) للسهم وبدأت لعبتهم مع العروض والطلبات، وكان هناك خبر غير واضح المعالم يقول ان الشركة ستدخل في شراكات معينة، هذا الخبر تم فبركته بشكل أظهر الشركة وكأنها ستكون شركة بتروكيماوية قادمة وفتية وكأن هذا الخبر سيحولها من شركة فاشلة إلى شركة ناجحة جداً (مغفلين ان المستثمر الناجح لو كان يرى فيها استثماراً ناجحاً لجمع فيها بسكوت وهدوء). بدأت عملية التطبيل للسهم بشكل واضح وصريح عن طريق الصالات أو المجالس الخاصة وأيضاً عن طريق منتديات الإنترنت، إلى درجة ان عملية التطبيل للسهم طالت خبراء اقتصاديين حتى ان بعضهم تحدث عنها في مقابلات تلفزيونية والبعض الآخر أقام لها المحاضرات على المستوى العام وأصبحت الشركة بقدرة قادر الحصان الرابح في الموسم وارتفعت قيمة السهم أكثر من 100٪. وعندما صدر الخبر تمخض الجبل عن فأر وتبددت الوعود والأحلام التي بثها المطبلون بأن الشركة ستصبح شركة بتروكيماوية ناجحة، وأصبح من اشترى السهم بسعر مرتفع في مأزق أو بكلمة أخرى كبار المضاربين وجدوا ضحايا جدداً يصرفون كميتهم عليهم. السؤال الذي يطرح نفسه هو أنه الآن بعد انتهاء عملية التطبيل وخروج الحقيقة للمتداولين لماذا لا يتم محاسبة من شارك في هذه المؤامرة بشكل علني وصريح، الا يوجد لهيئة سوق المال قوانين ولوائح تنظم عملية التداول وتضمن الشفافية والعدل للمتداولين وتقضي على مسألة الأخبار المتسربة وتراقب أعضاء مجالس إدارة الشركات المساهمة في عملية تداولهم لأسهم السوق وبالأخص تداول أسهم شركاتهم. المصيبة الأعظم هي ان ما حصل هنا ليس المرة الأولى وهذه الشركة ليست الشركة الوحيدة التي تتم عمليات المؤامرة فيها بل غيرها الكثير، ومن المزعج ان يكون جزء كبير من سوقنا يعتمد على المضاربة بشكل أساسي وهو في طور النمو فهذا سيسبب اشكالاً لاحقاً لدى السواد الأعظم من المتداولين لجهلهم أصول المؤامرة (المضاربة) وسيضطرون إلى اللجوء للتحليل الفني كبديل للتحليل الأساسي في الوقت الحالي لكثرة أدواته التي تساعد المتداول على قراءة حركات كبار المضاربين بشكل جيد بمجرد النظر للرسم البياني للأسعار. ٭ محلل