ليس مستغربا أو مفاجئا أن يشهد السوق العقاري حالات تصحيح للأسعار وما يحدث هو نتيجة لعوامل مر بها السوق خلال السنوات الخمس الماضية ذكرت معظمها في المقال السابق وفي مقدمتها اهتمام الدولة بحل مشكلة الاسكان والاهتمام بتسهيل اجراءات التملك للمواطنين عبر العديد من القنوات التي تشرف عليها، ثم تجاوز الأسعار للقدرة الشرائية للمواطن وبالتالي توقف الكثيرين وإحجامهم عن الشراء اجباريا وهذان السببان هما الأهم فيما يحدث من تصحيح. وحقيقة ضعف القدرة الشرائية مقابل الأسعار السائدة واقع لم يتقبله الكثير من المطورين والمستثمرين والممولين والمسوقين فيما مضى. واقع السوق الحالي هو هدوء في حركة البيع والشراء وهناك عروض بأسعار تقل بنسبة 30 و 40 بالمائة من سعرها قبل ستة أشهر وفي بعض المناطق أكثر ولا تجد من يشتري رغم أن هناك طلبا كبيرا على الأراضي السكنية صغيرة ومتوسطة المساحة وكذلك الوحدات السكنية إلا أن حركة الشراء شبه متوقفة طمعا في المزيد من الانخفاض. هناك حركة في السوق في مقدمتها البناء الفردي والذي لم يتوقف منذ اكثر من ثلاثة عقود، تحركات الأفراد الحاصلين على قروض من الصندوق العقاري بحثا عن أرض، توجه العديد من المطورين العقاريين الى الاستثمار في تطوير المخططات وتنفيذ البنية التحتية لها بهدف بيعها على المستفيد النهائي. تحركات وزارة التجارة الايجابية التي نلمسها لتصفية المساهمات العقارية المتعثرة والتي بدأت بجدية وتحسب للوزير الجديد والتي ستسهم في زيادة المعروض من الأراضي القابلة للتطوير. من الحقائق التي عايشها السوق عدم القدرة على الاستثمار في المشاريع السكنية الكبرى التي تتجاوز 500 وحدة سكنية رغم أنها أخذت زخما كبيرا قبل الأزمة المالية العالمية لكثير من شركات التطوير العقاري التي أعلنت عن مشاريع بعشرات الألوف من المساكن ولم ينفذ منها شيئا وتعود لثلاثة أسباب أولها ضعف الشركات ادارايا وفنيا وتسويقيا، ثم عدم قدرة الجهات الحكومية من أمانات وكتابات عدل ودفاع مدني وخدمات كهرباء ومياه وصرف صحي على التعامل مع المشاريع الريادية الكبرى، وأخيرا البنوك وشركات التمويل التي لا تلقي بالا لهذه المشاريع بل تركز على تمويل الأفراد من باب تقليل المخاطرة وزيادة الربحية. لذا سيكون التوجه لمعظم الشركات الاستثمار في المشاريع السكنية الصغيرة والأولوية ستكون لتطوير الاراضي فقط والتوقف تماما عن الاستثمار في المشاريع السكنية الكبرى. يبقى الواقع الذي يخص الأفراد الباحثين عن فرص التملك والخوف من الانسياق وراء بعض الناس من غير المختصين ممن يتفنن في اصدار الأحكام المطلقة اما بالارتفاع او الانهيار دون وعي بخصائص السوق ومعطياته لذا فالحذر مطلوب وما يحدد قرار الشراء مدى الحاجة وليس الرغبة.