حينما هاجم الدكتور حافظ المدلج الصحفيين متهماً إياهم بأنهم من فئة مسبوقي الدفع، تصديت شخصياً ومعي بعض الزملاء له حتى وهو يتذرع بكلمة (البعض) ليهرب باتهامه للأمام، وقد تصدينا له ليس لأننا نرى أن الوسط الصحفي وسط أفلاطوني؛ ولكن لأن اتهامه جاء مفرغا من أي دليل، وغير مستند على أي قرينة. كنت أخشى من أن الصمت إزاء اتهاماته قد يسهم في التفاف أصابع الاتهام على الدائرة الصحفية بأكلمها، حتى تطال تلك التهمة الجسد الإعلامي بجميع أعضائه؛ فضلاً عن خشيتي من أن الصمت على تلك التهمة سيستدعي كل ذي خصومة مع أي صحفي لتوجيه مثل ذلك الاتهام للصحفيين عموماً دون رادع يردعه. ما خشيت منه حدث، فها هو رئيس الشباب خالد البلطان يتهم بعض الإعلاميين المحسوبين على النادي الأهلي وحددهم بثلاثة أشخاص بأنهم سعوا لابتزازه صحفياً، ومساومته مالياً، وأنه يملك من الأدلة الموثقة ما يدينهم بذلك، ملوحاً بأنه قد يستخدم تلك الأدلة في الوقت المناسب، قبل أن ينعطف بتهمته ليقول بأن الناس قد عرفتهم وكشفتهم، بعدما ترك باب التهمة مفتوحاً. ثمة فارق كبير بين اتهامات المدلج واتهامات البلطان، ففي حين لم يقدم الأول أي مدلول حسي لاتهاماته للصحفيين، عدا عن رؤيته لرسالة من أحد المسؤولين الرياضيين؛ فإن الثاني أكد امتلاكه لأدلة تدينهم، وأنه قد رفع قضية بحق اثنين من الصحفيين المحسوبين على الأهلي دون أن يسميهم، وأن قضيتين مماثلتين بانتظار اثنين آخرين؛ وهنا وإن كان يحسب على البلطان ترك التهمة مفتوحة، إلا أنه على الأقل حدد وجهته وأكد إمساكه بناصية الدليل. من هنا فقد أصبح واجباً على كل صحفي معروف بأهلاويته أن ينبري لتبرئة نفسه، بعدما علقت التهمة في ثيابهم جميعاً في ظل عدم تسمية ما قيل بأنهم صحفيون أهلاويون مسترزقون، وأمسى حرياً بهم أن ينبروا للدفاع عن أنفسهم إزاء تهمة البلطان؛ وأحسب أن كثيرين منهم قادرون على ذلك؛ ولكن بات من الضروري أن يكون الدفاع منفرداً بحيث يعبر كل صحفي عن موقفه الخاص، حتى يتمكن المتابع من الفرز؛ بعيداً عن عملية خلط الأوراق؛ خصوصاً وأن من تبنوا مهاجمة البلطان في وقت سابق قد تدثروا بالصمت بعد التهمة الخطيرة، وبعد تهديداته بالمقاضاة، وكأن على رؤوسهم الطير، وإذا ما نجحوا في تبرئة أنفسهم جميعاً فلتكن مقاضاة البلطان على اتهاماته محتمة حينها! في كل الأحوال فإن مسألة وجود صحفيين رياضيين فاسدين أمر لا يمكن إنكاره بالعموم، ووجودهم يترتب في المعادلة الرياضية على وجود مسؤولين رياضيين فاسدين، فهؤلاء الصحفيون ليسوا ملائكة بالتأكيد، لكنهم أيضاً ليسوا شياطين، فهم مثلهم مثل أي عاملين في أي وسط آخر، وبالتالي فلا يقبل اتهامهم في شرف المهنة بلا دليل، وتبقى مسؤولية شرفاء الوسط الإعلامي الرياضي ونظيفي اليد أن يتصدوا لمثل تلك الاتهامات من كائن من كان، حتى وإن كان في وسطنا صحفيون برتبة مرتزقة!