انشغل الوسط الرياضي أخيراً باتهامات متبادلة بين الإعلاميين، بلغت ذروتها في تصريح فضائي أطلقه الدكتور حافظ المدلج، اتهم فيه بعض الإعلاميين بأنهم مثل البطاقات مسبقة الدفع، مع ما أثاره ذلك من ردود فعل غاضبة ومتباينة، قادت البعض لتوجيه بوصلة الاتهام لقناة الدوري والكأس القطرية، وتحديداً برنامجها الشهير "المجلس" بتعمد إثارة قضايا تسيء للمملكة ورياضتها ووسطيها الرياضي والإعلامي. واتهم البرنامج بأنه يتعمد استقطاب ضيوف دون غيرهم، ليقينه أن هؤلاء غالباً ما يظهرون السلبيات، وأحياناً ينزلقون في الإثارة التي تصل حد الإساءة، ويتجاهل وجوهاً تتحدث باتزان، لتحقيق غرضه في الإساءة. وأثارت الاتهام حفيظة مقدم البرنامج الزميل خالد جاسم الذي بدأ حديثه ل"الوطن" بتساؤل واستغراب، قائلاً "الآن أصبح "المجلس" ضد الكرة السعودية، أنا من محبي المملكة العربية السعودية قيادة وشعباً، وأحرص على التواجد فيها دائماً، ولا يخفى على أحد أن المملكة تتميز بمكانة كبيرة وجمهورها الكروي عاشق للعبة، وبالتالي لزاماً أن تتم مناقشة قضاياها في حدود المسموح به، وهذا ما يحدث حالياً". وأضاف "قضيت سنوات طويلة في مناقشة القضايا والبطولات السعودية مع ضيوف من المملكة لهم وضعهم، وعندما حدثت إثارة حول موضوع المدلج، قالوا خالد جاسم ضد الكرة السعودية، وهذا أرفضه تماماً، فلم أتعمد الإساءة إلى أحد". وتابع "شخصياً لا أرضى أن يسيء أحد للمملكة، غير أن هذه كرة قدم لا يجب أن نقحم فيها الكره، بل يبقى النقاش حولها نقاشاً رياضياً، وكم من الإعلاميين الذين سبق أن تحدثوا عن قطر، لم نأخذ حديثهم بحساسية، لذا أشعر بصعوبة الآن في التعامل مع عقليات سطحية لا يرضى بها السعوديون أنفسهم من الذين تربطني بهم علاقات وطيدة". ويصف جاسم الحلقة التي أطلق فيها المدلج اتهاماته بأنها كانت عادية، ويقول "كنت أناقش سبب خروج المنتخبات السعودية من المونديال والأولمبياد في قضية عامة، فتداخل المدلج، ولمن يتهموني أقول (اتقوا الله)، ماذا فعلت؟ أنا أحب الشعب السعودي المحب والطيب والعشري، لكنني أرفض هذا التفكير الرجعي للبعض، ولا أهتم بهم، وأنا أركز فقط على العقلاء الذين أتشرف بهم، وكلهم على رأسي، وأنا على يقين تام وثقة أنهم سيدافعون عني، لأنهم يعرفون جيداً أسلوبي في العمل.. أنا أحب الإثارة وليس الإساءة". ويرى جاسم أن الكاتب الصحفي يحمل أمانة القلم، ولكن هناك من لا أمانة لهم في كل مدن ودول العالم دون استثناء، وقال "نحن لا نعيش في المدينة الفاضلة، وسأستمر في مناقشة القضايا المهمة لكشف العيوب، ولن أدس رأسي كالنعامة في التراب، وهذه العيوب التي نتحدث عنها موجودة في كل العالم". وختم بقوله "نحن شعب محب غير كاره، والقضية عامة وليست خاصة، والمثل يقول "كل واحد عقله في رأسه يعرف خلاصه". تسويد وقبح من جانبه، يرى الزميل الإعلامي أحمد الشمراني أن المشكلة ليست في وسائل الإعلام الخليجية، بل في الإعلاميين السعوديين، فيقول "الضيف يجب أن يحكمه عقله قبل لسانه، والقناة لم تستضف أحدا للإساءة، بل الضيف نفسه هو الذي تداخل وأساء، فما ذنب القناة إذاً عندما يأتي المدلج كعضو اتحاد سعودي وآسيوي وأكاديمي، ويتحول من رجل يتحدث عن واقع الكرة السعودية إلى متهم للإعلاميين بالرشوة.. هل وضع الزميل خالد جاسم في فمه الكلام؟". ويوضح "لي تجربة طويلة مع قناة أبو ظبي الرياضية من خلال برنامج "خط الستة" امتدت لعدة سنوات، لم يحدث أن وجه فيها مقدم البرنامج الزميل محمد نجيب أي ضيف منا لاستثارة الشارع السعودي بشكل مسيء، مع أنه اتهم أنه ضد الكرة السعودية، وما يحدث الآن في قناتي الدوري والكأس أو لاين سبورت يعد تسويداً لوجه الإعلام الرياضي، وليس فقط تجاوزاً، بل يعد قبحاً إعلامياً. أنا لا أبرر أن هناك عيوباً وأخطاء وقعنا فيها، لكن لا يجب أن تصل إلى هذا المستوى، ومن يتابع الإعلام اليوم يصب بالإحباط". ويرى الشمراني أن الرياضة تؤسس لعمل مستقبلي كبير، وإذا كان إعلام بهذا الشكل سيديرها، فلا يتوقع لها النجاح، لأنه الواجهة الحقيقية لأي عمل. ويبين الشمراني أنه ضد التشويه، فيقول "رجل بقامة المدلج يتداخل في برنامج ويتحدث بقبح، كان عليه أن يوضح للمتابعين سبب الإخفاق ويقترح الإصلاحات، ولا يهرب من الواقع والأسئلة إلى عالم آخر. أما المرتشون فعلى صحفهم أن تدقق معهم وتحاسبهم، وأتمنى من الصحف أن تأخذ من حديث المدلج ورقة عمل لمحاسبة المسترزقين على حساب المهنة، وإذا تجاوز الإعلامي حدوده، فعلى لجنة الفساد أن تحقق معه، (من السهل أن تتهم ولكن من الصعب أن تأتي بالدليل)". أدوار بطولة ويرى رئيس القسم الرياضي في صحيفة اليوم الزميل عيسى الجوكم أن برنامج "المجلس" يبحث عن الإثارة في مختلف الأنشطة الرياضية الخليجية، لكنه يستدرك "إلا أن ضيوف البرنامج من الإعلاميين الخليجيين لا يزايدون على بعضهم، إنما الزملاء السعوديون يتنافسون ليحصلوا على أدوار البطولة، وبالتالي يحدث كثير من الاختلافات، أما الخليجيون فيتصرفون بذكاء حتى لا يسمحوا للآخرين بالسخرية منهم، وهنا أستثني الزميل صالح علي الحمادي الذي استطاع أن يكون بطلاً دون إسفاف". ويطالب الكاتب الصحفي الزميل عبدالعزيز الهذلق كل القنوات الفضائية بمراعاة أطروحاتها وإبعادها عن الإساءة لأي بلد، ويقول "هناك عدد من القنوات الرياضية القطرية والإماراتية تبحث عن الانتشار في السوق السعودية، لأنها خصبة وجماهيرية، وردود الفعل فيها تحدث ضجة كبيرة، لكن بعض هذه القنوات لا تراعي أخلاقيات المهنة، في وقت يفترض فيه فيها ألا تبحث عن أطروحات إعلامية مسيئة لبلد آخر، خاصة أن كثيرا من الإعلاميين الذين تستضيفهم دخلاء على المهنة، عرفتها بهم القنوات الرياضية السعودية من خلال استضافتهم على شاشاتها". ويضيف "وهنا أطالب القنوات السعودية أيضاً بتصحيح المسار كقنوات رسمية تمثل وزارة الإعلام والثقافة بعدم استضافة من أساء لزملاء المهنة كتعبير عن الاحتجاج ضدهم، حتى لو كان هؤلاء يظهرون عليها برزانة لكنهم لا يحافظون على هذه الرزانة حين يظهرون على القنوات الخليجية، إذ لا يمكن أن نقبل منهم صورتين مختلفتين، لأن ذلك ضحك على المشاهد، وعلى قنواتنا السعودية أن تأخذ زمام المبادرة في انتقاء العناصر المميزة التي تخاطب عقول الناس باحترام، ولا تكرر نفس الأسماء والوجوه مرة أخرى". ويتابع "اللوم في المقام الأول علينا نحن كسعوديين، إذ يفترض أن نرتقي بطرحنا الإعلامي ونبتعد عن الإسفاف الذي نراه في قنوات الدوري والكأس وأبو ظبي ولاين سبورت". استثارة عمدية من جهته، يؤكد المحلل الرياضي الدكتور مدني رحيمي أنه لم يحدث أن وجه مسؤول في برنامج المجلس أو قناة الدوري والكأس أحداً من الإعلاميين باستثارة الشارع السعودي عن عمد، وذلك من خلال عمله مع القناة لسنوات طويلة. ويوضح رحيمي السبب وراء مناقشة القضايا السعودية على القنوات الخليجية بقوله "معظم القنوات الخليجية تناقش قضايا الكرة السعودية، لأن المملكة تتسم بكثافة سكانية كبيرة، وهي تمثل منطقة تجارية وإعلامية واسعة، ولدينا فيها كإعلاميين مساحة من الحرية للنقد الهادف، ونلاحظ أن معظم الاتصالات التي ترد للبرنامج تكون من السعودية. والإثارة جزء من النجاح ومن حق المقدم أن يخدم قناته وإعلامه ويجتذب المشاهد، لكنني أؤكد أننا لم نجد من الإخوة القطريين سوى الاحترام والتقدير والحب ولم يوجهنا أحد بشيء مشين، وشخصياً لن أقبل به، فأنا أرفض أن أكون بطاقة شحن مسبقة الدفع". وحول ما ذكره المدلج، قال "كان من المفترض أن يتحدث الدكتور المدلج عن الإخفاق ويتطرق للإعلام بأسلوب لبق، كأن يقول إنه تجاوز الحد مثلاً. مشكلة المدلج أنه يمثل عدة جهات من خلاله مناصبه المتعددة، ومنها الإعلام من خلال كتاباته الصحفية، فمن غير المقبول هنا أن يرفض أن يناقش الإعلاميين قضية إخفاق المنتخبات السعودية، ويتطرق إلى الفساد، هذا لا يجوز من باب الزمالة في المهنة، خصوصاً أنه مال إلى التعميم والتوسيع، فأنا على سبيل المثال، أختلف مع رئيس نادي الاتحاد وأناقشه في أخطائه كإعلامي فقط. أترك اتحاديتي جانباً وأتحدث عن العيوب، أعرف أن بعض الإعلاميين يشترون ب500 ريال وينشرون تصريحاً ب"حق الشاي"، ولكن على صحفهم أن تحاسبهم إذا قبضوا قبل أداء العمل، لأن هذا المال سيؤثر على مصداقيتهم". سلبيات وإيجابيات ويرى الزميل خالد قاضي أن في قناة "الدوري والكأس" وبرنامجها "المجلس" تركيزا على إبراز السلبيات في الكرة السعودية دون الإيجابيات رغم وجود كثير من النواحي الإيجابية في الدوري السعودي، وقال "كان من الأولى بالقناة وبرنامجها أن يتطرقا لمناقشة القضايا القطرية الأهم من بعض القضايا الأقل أهمية في الكرة السعودية، ويفتحا ملفات عالمية مثل قضية ابن همام وبلاتر واستضافة قطر لكأس العالم والتجنيس، لكنهما لم يفعلا على أهمية هذه القضايا دولياً، ووجها الإعلام القطري لإطلاق اتهامات غير مثبتة على السعوديين". ويضيف "هم يرفضون مناقشة القضايا القطرية، وحتى لما تحدث العداء القطري طلال المنصور عن قضية التجنيس منعوه من الظهور الإعلامي، وهنا ندرك أن هناك شيئاً ما ضد رياضتنا تحديداً". في المقابل يعتقد الزميل عدنان جستنية أن البرنامج متاح للجميع ويمنح مساحة من الحرية للضيف ليعبر عن وجهة نظره، وإذا بقينا ننظر إلى أن هناك من هم ضدنا فلن نتقدم، يجب أن نناقش الأمور بحرية حتى نتمكن من الإصلاح ومعالجة المشاكل التي تواجهنا في الرياضة.