مرض توقف التنفس أثناء النوم والذي من علاماته الشخير المزعج والاختناق (الشرقة) أثناء النوم يعتبر من أكثر الأمراض شيوعا في الوقت الحاضر. وعدا عن كون المرض يسبب اضطراب النوم ليلا والنعاس والخمول وضعف التركيز نهارا، فإن له مضاعفات عضوية كثيرة على أعضاء الجسم المهمة كالقلب والدماغ. والمرض ينتج عن ضيق مجرى التنفس العلوي (البلعوم) خلال النوم مما ينتج عنه انسداد متكرر كامل أو جزئي للحلق وهذا يسبب نقصا حادا ومتكررا للأكسجين في الدم مما يطلق عوامل الأكسدة في الدم ويرفع ضغط الدم ويهيج الجهاز العصبي الخاص بالتوتر ويطلق هرمونات التوتر مثل الأدرينالين والكورتيزول بكميات كبيرة خلال النوم وهو ما يخالف طبيعة الجسم حيث إن مستوى هذه الهرمونات يقل خلال النوم، كما يهدأ الجهاز العصبي الخاص بالتوتر عند الأشخاص الطبيعيين مما يؤدي إلى راحة القلب والمخ ونقص دقات القلب والضغط. أما عند المصابين بتوقف التنفس أثناء النوم فإن الضغط يرتفع ودقات القلب تزداد خلال النوم. وتوقف التنفس عند الإنسان الطبيعي لا يزيد على 5 مرات بالساعة ويعتبر توقف التنفس من 5-15 مرة بالساعة خفيفا ومن 16-30 مرة بالساعة متوسطا أما ما زاد على الثلاثين مرة في الساعة فيعتبر شديدا. التغيرات العضوية الناتجة عن التوقف المتكرر للتنفس اثناء النوم تؤدي إلى تصلب الشرايين وهو من أهم عوامل الخطر التي تؤدي إلى جلطات الدماغ التي أظهر الكثير من الأبحاث الحديثة وجود رابط قوي بين توقف التنفس أثناء النوم وجلطات الدماغ. وقد أردت اليوم أن أوجز الأبحاث الحديثة في هذا المجال وخاصة بحث حديث ومهم نُشر هذا الشهر (أبريل 2012) في مجلة التنفس الأوروبية أوضح أن علاج توقف التنفس عند المصابين بالجلطة يقلل من نسبة ظهور جلطات أخرى. هناك بحث آخر نشر حديثا مهم أظهر وجود علاقة سببية بين توقف التنفس اثناء النوم وجلطات القلب نشر في مجلة الجمعية الأمريكية للصدر حيث تابع الباحثون 5422 شخصا لمدة 8.7 سنوات. وخلال فترة الدراسة، أصيب 193 شخصا بجلطات دماغية. وعند تحليل النتائج وبعد السيطرة على العوامل التي قد تسبب الجلطات مثل تقدم العمر والتاريخ العائلي المرضي، توصل الباحثون إلى أن الإصابة بتوقف التنفس عند الرجال رفعت احتمال الإصابة بجلطات الدماغ إلى حوالي ثلاثة أضعاف. كما أن زيادة عدد مرات توقف التنفس في الساعة بوحدة واحدة يرفع احتمال الإصابة بالجلطة 6%. أما عند النساء فإن توقف التنفس أكثر من 25 مرة بالساعة نتج عنه زيادة مهمة في احتمال الإصابة بجلطة الدماغ. تصلب الشريان ووجود انسداد في الشريان منعا وصول الدم لأنسجة المخ وتشخيص المرض يحتاج إلى إجراء تخطيط للنوم لمعرفة شدة الحالة والتأكد من وجودها ومن ثم بدء العلاج أثناء التخطيط باستخدام جهاز التنفس المساعد (السيباب) التي أظهرت الكثير من الدراسات أن استخدامه يقلل بمشيئة الله من المضاعفات القلبية والدماغية ويقلل من الوفاة. ففي الدراسة التي نشرت هذا الشهر في مجلة التنفس الأوروبية، درس الباحثون حالة 135 مريضا أصيبوا بجلطات دماغية حادة وأظهر تخطيط النوم إصابتهم بتوقف التنفس أثناء النوم. وقد تقبل حوالي نصف المرضى العلاج بواسطة جهاز التنفس المساعد ورفض النصف الآخر العلاج ولم يستطيعوا تقبله. وقد تابع الباحثون المرضى لمدة 7 سنوات. والنتيجة المهمة التي وجدها الباحثون، أن نسبة الجلطات غير المميتة الدماغية والقلبية كانت أعلى عند المرضى الذين لم يستخدموا جهاز التنفس الصناعي بنسبة ثلاثة أضعاف. والجهاز يستخدم ليليا خلال النوم وخلال الغفوات حيث يعمل على فتح مجرى الهواء العلوي (الحلق) وتوصيل الهواء إلى الرئتين. وهو جهاز صغير لا يتعدى وزنه كيلوغرام ويمكن حمله في حقيبة صغيرة والتنقل به. ويتم تثبيت قناع على الوجه ويوصل القناع بأنبوب مرتبط بجهاز التنفس المساعد. والجهاز صوته خافت ويحسن جميع أعراض المرض مثل الشخير وتقطع النوم وجفاف الحلق والصداع والرغبة في التبول ليلا وزيادة النعاس بالنهار.