قالت شركة الراجحي المالية أن البيانات التي أفصحت عنها مصلحة الإحصاءات العامة تظهر أن نمو الناتج المحلي الإجمالي قد تباطأ في الربع الأخير من 2011 ويعزى ذلك أساساً للتباطؤ في القطاع النفطي وفي الإنفاق الاستهلاكي الحكومي. وأشارت في تقريرها الشهري الذي خصت بة "الرياض" أن هذا التباطؤ يعزى إلى تأثير قاعدة المقارنة الكبيرة إذا أن النمو المتزايد في القطاع النفطي من حيث حجم الإنتاج والأسعار على حدٍ سواء من المحتمل أن يكون أكثر بطأً خلال أرباع السنة القادمة أيضاً. المملكة لديها طاقة إنتاجية تبلغ 12.5 مليون برميل يومياً تزيد 25% على مستوى الإنتاج الحالي وبالإضافة إلى ذلك، فيبدو أن الحكومة قد ركزت على الإنفاق الرأسمالي في الربع الأخير بدلاً من الإنفاق الاستهلاكي. من جانب آخر، فإن البيانات تظهر مؤشرات مشجعة حول الاقتصاد إذ أنها تعكس نمواً قوياً في القطاع غير النفطي وبخاصة النمو في القطاع الخاص غير النفطي. فقد سجلت معظم القطاعات الثانوية غير النفطية الخاصة نمواً بوتيرة أسرع ولكنها منتظمة ومستقرة على مدى العام السابق. علاوة على ذلك، فقد شهد القطاع الصناعي غير البترولي، تسارعاً في نموه. وعلى صعيد أسعار النفط، سجل معدل التضخم ارتفاعاً طفيفاً بسبب ارتفاع الإيجارات والتحسن في أسعار المواد الغذائية. إفصاح مصلحة الإحصاءات عن بيانات الناتج المحلي الاسمي تطور إيجابي لنشر المعلومات الاقتصادية وقد ارتفع عرض النقود بدرجة طفيفة مدعوماً بالزيادة في الودائع تحت الطلب والودائع الأجل والودائع الادخارية. وقد ظل نمو الائتمان المقدم للقطاع الخاص من البنوك التجارية يسير في اتجاه الارتفاع. أما الأصول الاحتياطية (الأصول الأجنبية) لمؤسسة النقد العربي السعودي، فقد قفزت إلى 2104 مليار ريال في شهر فبراير. البيانات الربعية أفصحت مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات مؤخراً عن البيانات الربعية للناتج المحلي الإجمالي الاسمي ومكوناته وذلك لعامي 2010 و 2011. وقد تم الإفصاح عن هذه المعلومات لأول مرة بواسطة مصلحة الإحصاءات العامة مما يعتبر تطوراً إيجابياً في اتجاه نشر المعلومات حول الاقتصاد. وتشير البيانات إلى انخفاض حاد في نمو الناتج المحلي الإجمالي الاسمي حتى بلغ 15.4% على أساس الربع الرابع 2011 مقارنة بنفس الربع من العام السابق مقابل متوسط نمو بلغ 32.6% في الثلاثة أرباع السابقة. ويبدو أن هذا الانخفاض يعزى إلى تباطؤ حادٍ في القطاع النفطي الذي نما بنسبة 17.7% على أساس سنوي في الربع الأخير مقارنة بمتوسط نمو بلغ 50.6% في الثلاثة أرباع الأخيرة من العام. وقد شهدت صناعة تكرير النفط أيضاً تباطؤ في النمو. أثر تباطؤ القطاع النفطي واضح بالانخفاض الحاد في نمو صافي الصادرات وتجدر الإشارة هنا إلى أن القيمة الاسمية للإنتاج في هذه القطاعات حساسة بدرجة كبيرة لأسعار النفط العالمية التي تشهد تذبذباً أعلى نسبياً. وبناء على ما تقدم، فإنه يمكن القول إن التباطؤ في معدل النمو يعزى بشكل أساسي إلى ارتفاع قاعدة المقارنة إذ أننا لا نفسر هذه البيانات إطلاقاً كمؤشر للضعف. القطاع النفطي: لقد تسبب القطاع النفطي، الذي يشكل تقريباً 50% من الناتج المحلي الإجمالي الاسمي، في تباطؤ نمو الناتج المحلي الإجمالي في الربع الرابع من 2011. فقد انخفض معدل النمو في هذا القطاع إلى 17% في الربع الرابع 2011 مقارنة بنفس الربع من العام السابق ومقارنة بمتوسط بلغ 50% على أساس سنوي أيضاً في الثلاثة أرباع السابقة من نفس العام. وتشير التقديرات إلى أن الإنتاج في هذا القطاع قد ارتفع من 229 مليار ريال في الربع الرابع 2010 إلى 269 مليار ريال في الربع الرابع 2011 وقد بلغ ذروة ارتفاعه عندما وصل إلى 300 مليار ريال في الربع الثالث. القطاع غير النفطي: لقد ظل نمو القطاع غير النفطي مستقراً مع زيادة طفيفة في الربع الرابع مقارنة بالربع الثالث 2011. وقد سجل القطاع نمواً بنسبة 13.5% على أساس سنوي للربع الرابع 2011 مقابل نمو بنسبة 10.1% على أساس سنوي أيضاً في الربع الثالث 2011. وظل القطاع الخاص غير النفطي يظهر نمواً ضخماً إذ نما هذا القطاع بنسبة 15.2% في الربع الرابع 2011، أي بأعلى من متوسط النمو الذي بلغ 13.9% في الثلاثة أرباع السابقة. وقد ظل معدل النمو في الربع الرابع في قطاعات الإنشاءات والتجارة.. إلخ وقطاع النقل...إلخ قريبا من متوسطاته للثلاثة أرباع الأولى من العام عند 19%، 13.5%، 13% على التوالي. وظلت معدلات النمو في قطاعات المالية والتأمين و والعقارات وخدمات الأعمال مستقرة أيضاً عند مستوى 7.2% على مدى أرباع السنة الأربعة. أما قطاع الصناعة غير النفطية فقد ارتفع بشكل حاد ليصل إلى 26.5% في الربع الرابع 2011 على أساس سنوي مقارنة بمتوسط بلغ 21% في الثلاثة أرباع الأولى. لقد شهد القطاع غير النفطي الحكومي ارتفاعاً حاداً في نموه في الربع الرابع مقارنة بالربع الثالث ولكن هذا النمو ظل دون المتوسط للثلاثة أرباع السابقة. وقد ارتفع معدل نمو القطاع إلى 11.1% في الربع الرابع مقارنة بنفس الربع من العام السابق، من 5.2% على أساس سنوي في الربع الثالث ولكنة كان أقل مقارنة بالمتوسط الذي بلغ 15.9% في الثلاثة أرباع الأولى. وفي الحقيقة، فقد شهد القطاع متوسط نمو بلغت نسبة 21.3% في الربعين الأولين. جانب الإنفاق: بتحليلنا للبيانات من جانب الإنفاق، فإننا نجد أن أثر تباطؤ القطاع النفطي يبدو واضحاً من خلال الانخفاض الحاد في نمو صافي الصادرات. فقد نمت الصادرات النفطية بنسبة 16% على أساس سنوي في الربع الرابع 2011 مقارنة بمتوسط نمو بلغت نسبة 50% في الثلاثة أرباع الأولى. وقد أدى ذلك إلى خفض النمو في صافي الصادرات التي تتمثل في صادرات السلع والخدمات ناقصاً الواردات من السلع والخدمات. وقد بلغت قيمة إجمالي صافي الصادرات 155 مليار ريال في الربع الرابع بينما كان متوسطها171 مليار ريال خلال الربع الأول إلى الربع الثالث. وبناء عليه، فقد بلغت نسبة صافي الصادرات 41% على أساس سنوي مقارنة بمتوسط بلغ 139% في الثلاثة أرباع الأولى.وقد انخفض إنفاق الاستهلاك النهائي للحكومة بنسبة 17% على أساس سنوي في الربع الرابع 2011 مقابل متوسط نمو لهذا الإنفاق بلغ 26.4% خلال الربع الأول – الربع الثالث. إن هذا لا يعني أن السياسة المالية الحكومية قد تحولت إلى سياسة انكماشية إذ أننا قد أشرنا آنفاً أن نمو القطاع غير النفطي الحكومي قد تزايد في الربع الرابع. ولكن ذلك يشير إلى أن الحكومة قد ركزت على الإنفاق الرأسمالي في الربع الأخير من العام وهذا ما تؤيده القفزة الحادة في إجمالي تكوين رأس المال الثابت. لقد قفز اجمالي تكوين رأس المال الثابت بنسبة 31.7% في الربع الرابع 2011 مقارنة بنفس الربع من العام السابق بعد انخفاض بنسبة 3.4% على أساس سنوي في الربع الثالث 2011. ونسبة لانخفاضة في الربع الثالث، فقد بلغ متوسط النمو لتكوين رأس المال الثابت للسنة بكاملها 18.2%. أما إنفاق الاستهلاك النهائي للقطاع الخاص فقد ظل يسلك اتجاهاً صعودياً إذ نما بنسبة 11.2% على أساس سنوي في الربع الأخير مقارنة بمتوسط نمو بلغ 8.2% في الثلاثة أرباع الأولى. انتاج النفط مرتفع لقد أدى التحسن في النظرة الاقتصادية العالمية المستقبلية، وخاصة في الولاياتالمتحدةالأمريكية، إلى جانب الأنباء الأقل سلبية من أوروبا، بالإضافة إلى التوترات الجيوسياسية في منطقة الخليج، إلى الإبقاء على سوق النفط قوياً. لقد ظل الطلب العالمي على النفط قوياً مما أدى بدوره إلى خفض الطاقة الإنتاجية الإضافية في الدول المنتجة للنفط. وقد استمر هذا الأمر في الحدوث حتى بعد استئناف إنتاج النفط الليبي بشكل حاد في الأشهر الأخيرة. وقد نتج عن حالة الطلب القوية في سوق النفط مستوى مرتفع من إنتاج النفط في المملكة. ووفقاً لمنظمة الأوبك، فقد ظل إنتاج النفط الخام يحوم حول مستوى 9.7 ملايين برميل في اليوم على مدى الأربعة أشهر الأخيرة. غير أن مؤسسة (JODI) المتخصصة في معلومات النفط والغاز وضعت متوسط إنتاج النفط الخام في البلاد عند مستوى 9.9 ملايين برميل في اليوم للفترة نوفمبر 2011 – يناير 2012. وقد سجل متوسط سعر النفط الخام مزيداً من الارتفاع في شهر فبراير، محققاً أعلى مستوى له منذ أبريل 2011. وقد أدت هذه العوامل إلى الإبقاء على النمو في القطاع النفطي. علاوة على ذلك، فإن المملكة لديها طاقة إنتاجية تبلغ 12.5 مليون برميل في اليوم وهي تزيد بنسبة 25% تقريباً على مستوى الإنتاج الحالي. وبناءً عليه، وفي ظل ظروف المعروض النفطي العالمي المحدود، فإنه بوسع المملكة زيادة إنتاجها بنسبة 25% كما صرح بذلك وزير البترول والثروة المعدنية. بيد أن الطلب المحلي للنفط الآخذ في الارتفاع بشكل كبير، ربما يؤدي إلى انخفاض الصادرات بشكل متزايد. التضخم يرتفع سجل معدل التضخم ارتفاعاً طفيفاً في فبراير ليصل إلى 5.4%، من 5.3% في شهر يناير ويعزى ذلك للضغط المستمر في مكون سوق إيجارات المساكن والارتفاع غير المتوقع في تضخم مكون المواد الغذائية. وعلى الرغم من الارتفاع الأخير في معدل التضخم، فإننا سنظل على وجهة نظرنا بأن هذا التضخم من المحتمل أن ينخفض في وقت لاحق من العام. وتستند توقعاتنا هذه على الانخفاض الذي يشهده التضخم العالمي ذي الارتباط المرتفع في الوقت الراهن بالتضخم المحلي. علاوة على ذلك، فقد ظل التضخم المحلي مستقراً بدرجة كبيرة خلال الثلاث سنوات الأخيرة إذ ظل يحوم حول نطاق 4% - 6%. التطورات الائتمانية و النقدية نمو عرض النقود لقد ارتفعت مقاييس عرض النقود في شهر فبراير إذ حافظ النمو في الودائع تحت الطلب والنقد المتداول خارج النظام البنكي على هذا الزخم. فقد نمت الودائع تحت الطلب بنسبة 13.5% على أساس سنوي بينما نمت النقود المتداولة خارج النظام البنكي بنسبة 22.2% على أساس سنوي أيضاً في فبراير مما نتج عنه نمو بنسبة 23.3% على أساس سنوي في عرض النقود (ن1). وقد سجلت الودائع لأجل والودائع الادخارية مزيدا من الارتفاع لتصل إلى 4.1% على أساس سنوي مما تسبب في رفع نمو عرض النقود (ن2) إلى 17.3% على أساس سنوي. وتجدر الإشارة هنا إلى أن الودائع لأجل والودائع الادخارية قد بدأت تنمو منذ شهر ديسمبر من العام الماضي بعد سنتين من الانخفاض المستمر. من جانب آخر، فقد انخفضت الودائع الأخرى شبة النقدية التي تشمل ودائع المقيمين بالعملات الأجنبية والودائع مقابل اعتمادات مستنديه والتحويلات القائمة وعمليات إعادة الشراء (الريبو) التي نفذتها المصارف مع متعاملين من القطاع الخاص، انخفضت بوتيرة أسرع بنسبة 5.8% في شهر فبراير مقارنة بنفس الشهر من العام السابق ومقارنة بانخفاض بنسبة 1.5% في يناير على أساس سنوي أيضاً. نمو الائتمان المقدم إلى القطاع الخاص سجل الائتمان المقدم من البنوك التجارية إلى القطاع الخاص مزيداً من الارتفاع في شهر فبراير نظراً لبقاء الطلب على الائتمان من قبل المستهلكين والمنتجين على حدٍ سواء قوياً. وقد ارتفعت القروض والسلف والسحب على المكشوف بنسبة 12% على أساس سنوي خلال الشهر رغماً عن ارتفاع الكمبيالات المخصومة للقطاع الخاص بنسبة كبيرة بلغت 28.7% على أساس سنوي. الأصول الاحتياطية لقد قفزت الأصول الاحتياطية (الأصول الأجنبية) لمؤسسة النقد مرة أخرى في شهر فبراير إذ يبدو أن أسعار النفط والصادرات المرتفعة قد نتج عنها تحقيق فائض تجاري مرتفع. وقد ارتفعت الأصول الاحتياطية بمقدار 47 مليار ريال في فبراير مما كانت عليه في يناير لتصل إلى 2104 مليارات ريال. ويعتبر هذا الارتفاع أعلى ارتفاع شهري بالأرقام المطلقة منذ سبتمبر 2011 عندما ارتفعت الاحتياطيات بمقدار 63 مليار ريال خلال الشهر. والشئ الملفت للنظر هو أن كل الزيادة في الاحتياطيات (47 مليار ريال) قد تم الاحتفاظ بها كودائع أجنبية سائلة (نقدية) وعملات في الخارج. وقد ظل إجمالي الاستثمار في الأوراق المالية الأجنبية عند مستوى 1436.3 مليار ريال في شهر فبراير، مماثلا تقريباً لمستواه في شهر يناير. ورغماً عن ذلك، فقد ارتفعت العملات الأجنبية والودائع في الخارج من 561 مليار ريال في شهر يناير إلى 609 مليارات ريال في شهر فبراير..