لقد تم في المقالين السابقين تسليط الضوء على بعض الجوانب الهامة التي يجب على الشركات الوطنية القيام بها وتنفيذها قبل انضمام المملكة لمنظمة التجارة الدولية (WTO)، ألا وهي الإصلاحات الإدارية والهيكلية، كما تم التأكيد على ضرورة التركيز على الإصلاحات التشغيلية والتحكم في تكاليف المنتجات والخدمات. وفي هذه العجالة، سوف نتطرق إلى محور رئيس وهام تميزت فيه الشركات العالمية وعلى وجه الخصوص الشركات الأمريكية واليابانية، وهو إستراتيجيات التسويق والمبيعات للخدمات والمنتجات بالمنشآت، الذي يشكل حجر الزاوية في نجاح الشركات العالمية وبروزها في الأسواق الدولية وتفوقها في المنافسات العالمية في شتى الأسواق. لذلك، تقع على عائق شركاتنا الوطنية مسؤولية عظيمة تجاه بناء استراتيجيات تسويقية لمنتجاتها وخدماتها، مبنية على أسس علمية صحيحة. ومن الضرورة بمكان أن يتم تصميم تلك المنتجات أو الخدمات بناءً على نتائج ومعطيات بحوث تسويقية تعكس واقع السوق ورغبات العملاء بمختلف شرائحهم، على أن تتبع الشركات طرقا وأساليب حرفية في تقديم خدماتها وتصميم منتجاتها وتقديمها عبر قنوات بيع حديثة وجذابة تضيف إلى العملاء خبرة تسويقية إيجابية (POSITIVE CUSTOMER EXPERIENCE)،وتغطي كل مواقع عملائها، ناهيك عن خدمات ما بعد البيع وضرورة التأكيد للعملاء بأنها محور اهتمام المنشأة وذلك أن علاقة العميل مع الشركة لا تنته بشراء المنتج أو الحصول على الخدمة، بل أن عملية الشراء هذه تمثل الخطوة الأولى في مشوار طويل محفوف بالكثير من المخاطر التي قد تطال المنشآت حال عدم وفائها بالتزاماتها تجاه العملاء فيما يتعلق بتوفير الدعم والمساندة ما بعد البيع مما سيؤدي قطعاً إلى تحولهم شركات منافسة أخرى . وبإمعان النظر في واقع الحال بمعظم شركاتنا الوطنية، في هذا الجانب، يتضح لنا أن معظمها يعتمد وبشكل كبير على تصميم منتجات وخدمات دون تحديد العملاء المستهدفين وفئاتهم وتشرع بعد إنتاج المنتج في عملية التسويق والمبيعات والبحث عن عملاء لا يُعرف بالتحديد مواصفاتهم ورغباتهم ومواقعهم، وهذا ما يُسمى (PRODUCT DRIVEN STRATEGY) خلافاً لما يحدث في الأسواق العالمية وفي البلدان المتقدمة حيث تبدأ الشركات صناعة المنتج أو توفير الخدمة من العميل، عبر بحوث تسويقية تحدد رغبات واحتياجات هؤلاء العملاء ومن ثم يقوم المختصون والمصنعون بهذه الشركات بتوفير المنتج أو الخدمة المطلوبة بناءً على هذه الدراسات وهو ما يسمى (CUSTOMER DRIVEN MARKET)، حيث يعتبر العميل المحور الرئيس ونقطة انطلاق واستمرار نجاح كافة المشاركين في هذه العملية التسويقية طوال فترة توفر الخدمة أو المنتج. لقد آن الأوان على شركاتنا الوطنية لكي تقوم بتأسيس قواعد متينة لبناء استراتيجيات تسويقية وبيعية تعتمد اعتماداً كلياً على رغبات واحتياجات عملائها وتهدف إلى كسب ولائهم من خلال تصميم منتجاتها وخدماتها وفق ما يطمحون إليه من معايير وبأقل التكاليف وبجودة عالية، وبذلك تستطيع خوض غمار المنافسة والبقاء في السوق بقوة، مما يمكنها من جذب المستثمرين للمساهمة فيها، والمواطنين للعمل بها وهم في أمان تام بإذن الله تعالى. [email protected]