تتخبط الحكومة اللبنانية برئاسة نجيب ميقاتي بأزمات مختلفة تستولد بعضها بعضاً بشكل متسارع فمن معضلة التمديد للمحكمة الدولية وتمويلها إلى معضلة بدل النقل إلى مشكلة استئجار بواخر لتوليد الطاقة الكهربائية، وأخيرا إلى مشكلة التعيينات في إدارات الدولة حيث بلغت الشواغر حدا غير مسبوق، فضلا عن تعيين أعضاء هيئة النفط وإقرار قانون جديد للانتخابات النيابية تبدو الأمور متعثرة جدا. ويحاول رئيس الحكومة على طريقته المعهودة تدوير الزوايا بين الأطراف ولا يتردد أحيانا في الاصطدام مع طرف من أطراف حكومته مثل «التيار الوطني الحر» لكنه في النهاية يضبط أوتار الحكومة كي لا ينفرط عقدها. من جهته لا يبدو «حزب الله» راضيا البتة عن أداء الحكومة الميقاتية وخصوصا لجهة المحكمة الدولية الخاصة بلبنان ولا لجهة تفرّد الرئيس ميقاتي بقرارات عدة ولا يجد حزب الله ضرورة لهذه الحكومة إلا من حيث تأمينها حدّا أدنى من الاستقرار الداخلي على مشارف الأزمة السورية ما يجعلها قادرة أيضا على ضبط الحدود اللبنانية السورية بحد أدنى منعا لتدفق المشاكل والأسلحة. ويدرك حزب الله أن أي تغيير لهذه الحكومة سيستجلب حكومة من فريق 14 آذار أو سيوقع البلد في اللاستقرار الأمني وهذا ما لا يرغب به البتة. ومن سخرية الحياة السياسية اللبنانية أن هذه الحكومة المكونة من فريق سياسي من لون واحد هو تحالف قوى 8 آذار لا تزال قائمة بسبب وجود وزراء النائب وليد جنبلاط الواقف بدوره مع فريق 14 آذار والمؤيد للانتفاضة السورية علانية. يقايض جنبلاط حرية خطابه السياسي المؤيد للمعارضة السورية بإبقائه على حياة هذه الحكومة التي يقول أحد وزرائها ل»الرياض» أنها «هي نفسها لا تعلم متى يحين موعد رحيلها!». أما الرئيس نبيه بري فيحاول لعب دور الوسيط دوما فضلا عن تحالف غير مخفي على أحد بين رئيس الجمهورية ميشال سليمان والرئيس ميقاتي أما هدفه غير المعلن فهو إضعاف المنافس المسيحي لرئيس الجمهورية أي العماد ميشال عون. على هذا النحو تعمل حكومة لبنان وهي في الحقيقة لا تعمل بل تسير في الحلول ببطء شديد ما يفاقم من حدة الأزمات وخصوصا الأمنية والمعيشية والاقتصادية منها. وبالأمس أطلق رئيس الحكومة تسمية جديدة على حكومته هي «حكومة حماية الوطن والمواطن» بدلا من «حكومة كلنا للوطن وكلنا للعمل» متوقعا أن يبلغ النمو في لبنان هذه السنة معدلا أفضل مما كان عليه في السنة الماضية. وهي بشرى جيدة على أبواب موسم السياحة المشلول بشكل كلي بسبب الأزمة السورية وهو ما ينسحب على كل القطاعات الخدماتية في لبنان.