قبيل ان يرتفع أذان الفجر يتزايد حراك القرية الصغيرة هناك فوق جدار الطين يصيح الديك ويجاوبه ديك الجيران لحظات ويرتفع صوت المؤذن الذي اعتلى سطح المسجد يلتفت يمينا ويسارا يوزع صوته على بيوت القرية والشعاب المجاورة ينهض كبار السن سريعا رغم برودة الجو وفي بيت طين قديم حيث يسكن سعود وحمود طالبان في الصف السادس تكمن القصة الدرامية للتعليم في تلك المرحلة الجميلة سعود وحمود جزء من مجتمع القرية تبدأ معاناتهما منذ ان ينهض والدهما يتحركان تحت البطانية المقلمة ذات الاهداب الكبيرة واللون (الجيشي) خوفا من سكب الماء البارد عليهما في حالة تأخرهم عن صلاة الفجر ينهضان يقفان في صف المسجد يتمايل احدهما على الآخر من شدة النعاس وبعد الصلاة يتوجهان للحلال ومعاينة اوضاع المواشي وبعدها يذهب كل منهما يجمع كتبه ودفاتره الموسومة بجدول الضرب في الغلاف وكأنه بوابة الدخول للتعليم سعود يندب ويصيح كتاب الجغرافيا أكلت اطرافه العنز يردد عبارة ياويلي من الاستاذ وجدي وباكورة المدير، الأم تهدئ من روعه وتعده ان يذهب معه ابوه لمقابلة المدير وقبول عذره، سعود لم يجد مرسمته ام تمساح يبحث عنها يجدها تحت الفراش يذهب يبراها بسكين ويكسر اطرافها باسنانه قبل رحلة اليوم الدراسي فطور حليب عنز وقرص صاج، سعود يأخذ بعض التمرات وحمود يأخذ أقط للفسحة مقارنة بسمير ولد الأستاذ وجدي اللي فسحته مايعرفون اسمها من زينها . المدرسة في بيت طين الفصول مفروشة بالحنابل ذات اللونين الاحمر والازرق، المعلمون معظمهم من الدول العربية وكل معلم معه باكورة والفلكة من اختصاص فراش المدرسة سعود يخبر اخاه ان بطنه يعوره لأنه ماذاكر ولا حل واجبي الحساب والهندسة لأن ماعنده علبة هندسة يزيدعليه المغص مع دخول المدرس بالباكورة ويزيد على ذلك حليب العنز مع الصبح في آخر الفصل يوجد عتاولة الفصل كبار في السن ومعيدين يحثون الطلاب على الهروب والقفز من فوق جدار الطين يسمونهم الطلاب (بلادا ) مفردها بليد ومعيد في الفصل ثلاث سنين فيهم واحد اسمه دومان من كبر رأسه لكن على ماش طلب من الاستاذ الذهاب لمدير المدرسة وهناك تم التحقيق معه حول سرقة حمام الجيران التي اخبر عنها احد الاهالي تجلب الفلكة والفراش يتبسم لدومان وبدون مقدمات يتم ادخالها في رجليه وباكورة المدير منقعة في البركة من يومين حتى لاتنكسر دومان يرفض رفع رجليه ويسأله المدير علامك وبصوت مبحوح ( يا ستاد ماعلي سروال ) يضحك المدير ويصر على ضربه لحظات ويعود دومان يحبى على ركبه للفصل ويصيح يثير الرعب داخل المدرسة يسأل الطلاب وش فيه علامه ينتشر الخبر ( سارق حمام ابو سعد ) الطلاب في نهاية العام الدراسي والنتائج ستعلن وقبلها الاستعداد للاختبار حيث لاتوجد مقاعد يقوم الطلاب بتجهيز قطعة كرتون ويثبت عليها المرسمة والمساحة والبراية في اعلى الكرتون بمساكة ثياب الغسيل حتى لاتضيع . الحلقة الحمراء على درجة المادة التي رسب فيها الطالب علامة يعرفها ولي الامر الأمي الخوف عندما يشاهدها . نتائج المدرسة تعلن امام الجميع والمدرس يقف على مكان عال ويردد عبارة ( فلان ناجح فلان ساقط فلان خمس حلقات حمراء ) الآذان مفتوحة وقلوب الطلاب ترجف بقوة خوف من سماع كلمة ساقط . وبين زحمة الطلاب يطلق طالب راسب عبارة ( حسبي الله عليك يالمستلج ) والمستلج عيارة استاذ وجدي من كثر مايتكلم في الفصل وكل مدرس له عيارة متعارف عليها عند الطلاب . ومن بين طلاب القرية طلاب قدموا من البر للدراسة كبار في السن مقارنة مع بقية الطلاب كونهم تأخروا في دخول المدرسة يستعدون بعد نهاية العام الدراسي للرحيل مع اهاليهم للبر والبقاء حتى بداية الدراسة والعبارة الوحيدة التي يسألهم عنها آباؤهم ( نجحتوا والا سقطتوا ) والحلقة الحمراء المارية في الشهاده مناحي من بين طلاب البادية الذين قدموا لتعلم القراءة والكتابة فقط يردد سورة من القرآن على والده ( الوالد بعدي ياولدي جعلك تجي مطوع ) القلب لو درسه تيسير...مايفهم الدرس يازهدي مناحي المتحمس يصر على أن رقم تسعة ( مطرق وحلقة ) ومع دخول المساء يبدأ فصل آخر من تعليم الليلية ومشاهد الكوميديا الحية للطلاب جميعهم كبار في السن يرغبون في تعلم القراءة والكتابة وعلى قولهم ودي افك الحرف واقرأ القرآن فقط . الاستاذ يسري يعلم الدارسين الارقام ومناحي متحمس لمنافسة سعد في معرفة الارقام يردد الاستاذ رقم تسعة ويشير على الرقم تسعة في نهاية الدرس يسأل المعلم مناحي المتحمس عن رقم تسعة فيقول ( مطرق وحلقة ) يضحك سعد عليه ويقع سعد في شر اعماله الاستاذ يسأله هل حفظت فيقول ( ياستاذ القصيدة ماعرفت اقطبها ) فيضحك عليه مناحي ومعلم الفصل في آخر الفصل ترتفع تمتمات بصوت جميل لعلها قصيدة وشكوى عاشق لايهمه سوى مراسلة معشوقته ياستاد علمني اكتب الخط واقراه من شان اراسل صاحبي زين الاوصاف قلي قل ابجد قلت قلبي توجد على وسيع العين ابو حجيج رهاف قلي تهوز قلت ودي اتجوز على الذي له بين الاضلاع مصياف وينتهي الدرس في انتظار لقاء في الليلة القادمة حيث يأتي طلاب من الصحراء في التعليم الليلي لينقلب الدرس الى معرفة اخبار الامطار والسؤال عن الذهيب أي الابل والغنم المفقودة والاستاذ يحاول قراءة الحروف ويحدث خلاف بين دارسين يخرج احدهم مشعابه ويتعزوى ( أخو فلانة ) يتدخل الجميع ويتم الصلح سريعا بحبة خشم كيف لا والقلوب صافية وبيضاء وفي مشهد درامي يجسد تعلق احدهم بمعشوقته واعترافه بأن الدرس لايمثل شيئاً بالنسبة لما يعانيه يقول الشاعر فريح السليم القلب لو درسه تيسير مايفهم الدرس يازهدي القلب يبي دروس غير وجده على زامي النهدي ولم يكن اليوم الدراسي خاليا من تأثير التقلبات الجوية ومشاهد الطلاب ومايفعلونه من اجل تعطيل الدراسة في اليوم التالي وهذا الدور لمنصور وعلي وهم يقومون بفتح ثقب في جدار المدرسة حتى يدخل السيل معها وبالتالي تعطيل الدراسة في اليوم التالي وهذه العملية تتم ليلا والبعض يقوم بثقب السقف لتتعالى الاصوات ( الفصل خر ياستاذ .. ) مدير المدرسة يهرول ليخرج الطلاب ويرتفع صوت منصور ياعيال تمه تمه ) أي خروج من المدرسة وهكذا كانت هذه المشاهد التي مازالت عالقة في ذاكرة من عاصروا تلك الحقبة وهي مقاطع من شريط حياة اول التي يحن اليها الكثير بذكرياتها الجميلة ومواقفها العفوية والبسيطة