يعتمد بعض أفراد الأسر على ربة الأسرة وحدها في تحمّل مهام المنزل كاملة، أو ربما الأخت الكبرى، أو كان الاعتماد على الخادمة -التي لا يمكن الاستغناء عنها-؛ مما جعلهم يتقاعسون عن أداء واجباتهم المنزلية، وتحديداً «رجال البيت»، حيث يرفض الغالبية منهم المشاركة في تحمل المسؤولية؛ خشية أن يفقده ذلك رجولته وقوة شخصيته، ويبقى السؤال: أين مشاركة الرجل في المنزل؟. اتكالية وتقاعس بين أفراد المنزل والخادمة تحسم الموقف دائماً..وإذا سافرت «تورطوا» اتكال بدون مسؤولية بدايةً، قالت "لمياء عبدالسلام" انّ الاتكال في الأمور على الخادمة جعل بعض أفراد الأسرة لا يحاولون تأدية أدوارهم داخل أسرهم، وذلك لوجود شخص ينفذها نيابةً عنهم، دون النظر لما قد يجب عمله في ظروف معينة، مشيرة إلى أنه عند سفر هذه الخادمة أو حدوث خلافات معها يتغيّر نمط الأسرة، وتُلقى المسؤولية كاملةً على فرد واحد قد يكون الأم أو الأخت الكبرى، في حين يبتعد الذكور عن أيّ دور تعاوني في المنزل. وبيّنت "سديم عبدالرحمن" أن سيادة فكرة كون المرأة هي المسؤولة عن كل شيء في أمور المنزل هي السبب في انعدام تبادل الأدوار بين الرجل والمرأة؛ مما يدفعه إلى التخلي عن أبسط المهام التي تساعدها وتخفف العبء عنها، لكونه ينظر إليها أنّها ربة منزل وهو السيد الذي تقتصر مهمته على إصدار الأوامر!. الرجال في الاستراحة أو البر «هبّ ريح» يطبخ ويغسّل ولحظة ما يدخل بيته يبدأ ب«الأوامر»! مكانة الرجل فيما كشف "عبدالكريم محمد" أنّه لا مانع من مساعدة المرأة وتبادل الأدوار ويبقى الاحترام حاضراً، وقد تمرض المرأة فيعمل الرجل على تنفيذ المهام الأساسية بالمنزل، وذلك في حدود المعقول وبطريقة لا تخل بقيمة الرجل ومكانته الشخصية. ويرى "محمد الزامل" أنّ الرجل المثقف الواعي يدرك ماله وما عليه، والواثق من ذاته هو من يستطيع جعل الأدوار في الأسرة متبادلة بلا إفراط ولا تفريط، ودون أن يشعر أحدٌ من أفراد الأسرة بانتقاص العمل والمهمة الموكلة إليه، مشدداً على ضرورة تعزيز ثقافة المشاركة في الأعمال المنزلية بين أبناء المجتمع -الذكور والإناث-، وذلك حتى يكون المجتمع متآلفاً ومتعاوناً لا يكون فيه تفرقة بين أفراد الأسرة في تأدية الواجبات المنزلية. الاعتماد الكلي على الخادمة يربي الأبناء على الكسل وعدم الإنجاز ليس عيباً! ولفت "أبو فهد" إلى أنّ مساعدة الرجل للمرأة في شؤون المنزل ليس عيباً، كما أنّه لا مانع من مساعدة الإبن لأمه في أمور كترتيب المنزل أو وضع الطعام على السفرة وما شابه، مشيراً إلى أنّ عدم الاعتياد من البعض هو السبب في عدم معاونته لأهله، حيث انّ المجتمع تعارف على كون مسؤولية المنزل من جميع جوانبه ملقاة على عاتق المرأة فقط، وفي ذلك مشقة كبيرة. ووافقته "بسمه الشهري" من أنّ اعتياد أفراد الأسرة على الخدم جعلهم لا يهتمون بالأدوار التي لابد أن ينفذوها، ولا يوكلوها إلى الخادمة بشكل كامل وإلزامي كتقديم وجبة وإعادتها إلى المطبخ أو الشروع في عمل الشاي والقهوة، موضحةً أنّه ليس من العيب أن يدخل الرجل إلى المطبخ ويحضّر لنفسه وجبةً غذائية في منزله، حيث انّه قد يتصرف بذلك حينما يكون مع أصدقائه، فيحرص على أن يكون هو من يطهو الطعام أو من يجهز الشاي والقهوة. بعض الأسر تدخل في مشاكل بعد رحيل الخادمات وتتورط في أداء المهام التربية وغرس المفاهيم ونصحت "بدرية عبدالمحسن" بتربية الأبناء على التعاون وغرس مفاهيم الأسرة الواحدة في نفوسهم، وعدم تعويدهم على الاتكال على الغير في توفير الاحتياجات والرغبات، وطمس الصورة المرسومة لدى معظهم أنّ المطبخ مكان للبنات فقط، وأنّ مساعدة الأم في أمور المنزل ليس عيباً، ولا يقلل من شخصيتهم ورجولتهم؛ بل هي تزيد من إحساسهم بالمسؤولية تجاه أسرتهم، وبذلك لن يفكروا في انتقاص المرأة وسوف يحترمونها. واعتبرت "أم مشعل" أنّ تخلي الرجل عن المرأة وعدم مساعدتها في أمور المنزل ظلم كبير، وهذا ما يجعل الأبناء يسلكون طريقة والدهم مع أمهم وأخواتهم وزوجاتهم، وفي ذلك تحميل للمرأة جهداً كبيراً لا تقوى عليه، في زمن تتكالب فيه المسؤوليات وتزداد الضغوطات. خطر يهدد كيان الأسرة ونوّه "د.عبدالله السدحان" -الوكيل المساعد للشؤون الاجتماعية والباحث الاجتماعي- بخطورة تربية الأم للأبناء بمفردها، أو العمل على شؤون المنزل مع وجود الأب في حياة الأسرة، أو ما يُسمى "تبادل الأدوار" عملية اجتماعية مؤذنة بخطر كبير يهدد كيان الأسرة، فالله عز وجل جعل الأسرة من ذكر وأنثى، والأدوار متوزعة بينهما كل بحسب قدرته وإمكاناته وخصائصه التي أودعها الله فيه، فجميع أفراد الأسرة بحاجة إلى محفزات نفسية واقتصادية واجتماعية وعاطفية من كلا الطرفين "الأب والأم"، وتختل العملية الطبيعية للأسرة باختلال أو نقص تلبية أحد هذه الاحتياجات أو أخذه من غير مصدره، وهو خلل يبتدئ واضحاً في تربية الأبناء وسلوكهم طريق الصواب أو الانحراف، وخاصةً إذا كانت الأم ضعيفة الشخصية، ولا تستطيع السيطرة على الأبناء في حال مراهقتهم، ولا يتوقف الأمر على ذلك بل يمتد الأثر إلى الزوجين نفسيهما، وذلك بنشوء الخلاف بينهما بسبب انحراف أحد الأبناء، فكل يُلقي باللوم على الطرف الآخر. تخلي عن المسؤولية وأضاف "د.السدحان" أنّ تبادل الأدوار ليس من الأمور الجديدة في المجتمع السعودي، ولكن الأسباب والدوافع هي التي اختلفت عمّا كان في السابق، حيث كانت المسؤولية تنتقل للأم لتنقل الأب سعياً وراء الرزق، فتتولى تبعة العناية بالبيت وتربية الأبناء، ولم تكن عملية التربية صعبة سابقاً، وخاصةً أنّ المجتمع والشارع كان يمارس نوعاً من التربية الإيجابية، وقد تطول مدة غياب الأب أو تقصر ولكن في النهاية يعود الأب ليتحمل دوره في استكمال مسيرة التربية بالأبناء والعناية بهم، في حين أنّ الوضع في الوقت الحاضر تغيّر؛ لان هناك أزواجاً يتخلون عن مسؤولياتهم بشكل كامل، دونما أدنى حاجة أو ضرورة، فقط بسبب ضعف استشعارها من قبلهم تجاه البيت والزوجه والأبناء، ويتفرغ لملذاته الخاصة والأصدقاء، والسهر في الاستراحات والسفر للبر والتنزه، وقد ساهم في ذلك وجود السائق الذي توكل إليه أغلب مهام الأب في الحياة الأسرية، ويعتمد عليه في تأمين الاحتياجات للمنزل، وذلك لأن الأب انحصرت رؤيته للمسؤولية في توفير الضروريات، ناسياً أو متناسياً الأهم من ذلك وهو تربية الأبناء. حياة مدنية وأوضح "د.السدحان" بأنّ الحياة المدنية المعاصرة أسهمت بشكل أو بآخر في بروز هذه الظاهرة، والتي تستفحل يوماً بعد آخر مهددة كيان الأسرة، في ظل وجود الإعلام الجديد والانفتاح الواسع على العالم، وسوف تزداد المشكلة اتساعاً في ظل وجود معززات أخرى لاستمرارها مثل، عمل الزوجة ووجود مصدر دخل لها؛ مما يُشجع الزوج على استمراء هذا التخلي وتسليم الأمر برمته إلى الزوجة، متهرباً من أيّ تبعية اقتصادية أو تربوية تجاه أسرته.