نقلًا عن رويترز جاء في أرقام الفابتا يوم الثلاثاء 06 \03 \ 2012 وفي الاقتصادية العدد 6721 النص التالي: " قال علي النعيمي وزير البترول: إن المملكة أكبر مصدر للنفط في العالم يجب عليها تقليل الاعتماد على إيرادات النفط الخام وتطوير صناعة التكرير والتوزيع" لقد هزني طرباً - وقليلًا ما تطربني تصريحات المسؤولين - تصريح معالي المهندس علي النعيمي لأن الذي فهمته من تصريح معاليه أن اتجاه سياسة إنتاج البترول التي تنتهجها المملكة ستتحوّل من التوسع المطرد في عمليات مايسمى Upstream ( اي انتاج البترول الخام) الى التوسع في عمليات مايسمى Downstream ( أي تصنيع البترول الخام). البعض سيقول انك قد حمّلت التصريح أكثر مما يحتمل فهو لم يقل عدم زيادة انتاج البترول الخام، كما انه لم يقل تصنيع البترول الخام، وإنما قال تطوير صناعة التكرير والتوزيع، والفرق كبير جدا بين تصنيع الخام وبين صناعة تكريره وتوزيعه التي لا تعدو أن تكون مجرد إضافة بضعة دولارات على سعر البرميل غالبا ستضيع في زيادة تكاليف نقل وتوزيع المكررات عن تكاليف نقل وتوزيع الخام والأهم انها ليست تنويعاً لمصادر الدخل وليست لها صفة الاستدامة ولا حتى توظيف السعوديين. صدقوني انا لم احمّل التصريح اكثر مما يحتمل ولكن أهمية هذا التصريح لأنه يأتي بعد ان تعوّدنا ان تكون تصريحات وزارة البترول تقتصر على انها معنية بإنتاج وتصدير البترول وتوفير ايرادات الميزانية ، اما كيف يتم صرف هذه الايرادات فهي لم تدّع في اي يوم من الأيام انه من اختصاصها بل تركت عملية صرفها لوزارة المالية كما تركت تنويع مصادرالدخل لتصريحات وزارة التخطيط. لذا فان هذا التصريح هو أول تصريح على حد علمي تحذّر فيه وزارة البترول صراحة بأنه يجب تقليل الاعتماد على ايرادات البترول الخام وتنويع مصادر الدخل بعد ان كانت معظم تصريحاتها موجهة لطمأنة العالم بالتزامها وقدرتها على تلبية احتياجاته من البترول. الدّعوة الى تقليل الاعتماد على ايرادات البترول الخام يعني ان ايرادات البترول معرضة للانخفاض إما بسبب انخفاض الأسعارأوبسبب انخفاض الإنتاج، ولكن بأخذنا في الاعتبار أن البترول مورد ناضب فإن الشيء الوحيد المؤكد 100 % - سواء عاجلا او اّجلا - هو انخفاض الإنتاج. فكروا معي ملياً - مرة أخرى - في نص هذه العبارة الرّصينة: "يجب تقليل الاعتماد على ايرادات البترول الخام". يجب علينا - بدورنا - أن نعرف أن هذه العبارة صادرة من الرجل الذي نشأ وترعرع في أحضان البترول، ونشأت ارامكو وترعرعت في حضنه، فهو لا يتكلم من فراغ بل هو أكثر الناس معرفة بخبايا صناعة انتاج البترول في المملكة، رجل محنك ذكي يعرف كيف يختار الكلمات المناسبة وكيف يختار الوقت المناسب لإعلانها بهدوء من غيرأن يثير زوبعة من الشكوك والتساؤلات. تصنيع البترول الخام لا يعني التكرير والتوزيع وانما يعني صناعات لا تعد ولا تحصى: المنظفات والمخصبات والعطور والأجهزة والأدوات والمعدات وحتى الدواء والملابس والطعام. موضوع زاوية السبت القادم – ان شاء الله – سيجيب على سؤال: هل ارتفاع اسعار البترول يضر المنتجين للبترول؟