لماذا تصعب علينا لغة الحوار أحياناً؟ لماذا تتعالى الأصوات عندما نناقش أية فكرة أحياناً؟ لماذا نكون واقعيين في الطرح أحياناً؟ لماذا نكون منصفين في العرض عندما نتحدث أحياناً؟ ومع هذا كله قلّ أن تجد من يتقبل الآراء المخالفة للحقيقة!! تجد نفسك تتسمر أمام شاشة التلفاز تستمع دون أن تستمتع بما يدور. كلمات تخرج عن المألوف تتجاوز حدود المكان. تنطلق في الهواء دون أن تعير المشاهد أو المستمع أي اهتمام ليتحول الحوار وكأنه فرد عضلات أمام كل من يتابع وأن المنتصر هو الأعلى صوتاً! البرامج التلفزيونية الحوارية تكون أحياناً ممتعة وهي وجبة دسمة لمن يود الاستفادة والتعرف على معلومات جديدة في شتى المجالات لكنها ومع الأسف الشديد تحوّل البعض منها لمهاترات أمام ملايين المشاهدين.. السؤال: هل هذا هو المبتغى من الحوار؟ بكل تأكيد لا؟ حتى من يتعاركون أمام الناس على الهواء مباشرة تجدهم ينتقدون هذه اللغة لكنهم لا يطبقونها..! كنت أعتقد أن الأمر يمكن أن يكون في الحوارات الرياضية فقط! لأن جرعات الحماس الزائدة قد تجعل الضيوف يخرجون عن طورهم ويتحدثون بحماس زائد ولغة مشحونة! لكن المتتبع للكثير من البرامج الحوارية في القنوات العربية سواء الثقافية، أو السياسية، أو الرياضية، يلحظ هذا التجاوز غير المحمود من قبل بعض الضيوف وبمباركة من مقدم البرنامج، ليتحول الأمر لوجبة دسمة (لليوتيوب) وغيرها، وهذا غير مقبول إطلاقاً فاحترام المشاهدين هو من أبجديات العمل الإعلامي أيا كان، ولا يمكن لبرامجنا أن ترقى لتطلعاتنا إن لم تنسجم وثقافة المجتمع، فالمخاطب لم يعد هو نفسه من كان قبل سنوات، لأن وسائل الاتصال الحديثة اختصرت المسافات والأماكن وجعلت الفرصة متاحة للاطلاع على كل الثقافات والفنون من خلال جهاز محمول في أي مكان ووقت. لذا فمن غير المقبول إطلاقاً أن تظل بعض حوارات المثقفين والمحللين في قنواتنا العربية في مختلف التخصصات وأمام أعين المشاهدين في مختلف أنحاء الكرة الأرضية، عقيمة المضمون، بعيدة عن الهدف المراد، لأن تلك البرامج هي انعكاس للمجتمع العربي الذي نعيشه، ولابد أن تكون صورتنا أمام الآخرين مشرفة. هناك برامج رائعة هادفة متميزة بكل ما تحمله الكلمة من معنى وبعيداً عن التسميات، تحظى بمتابعة كبيرة وعندما تشاهدها تُجبر على المتابعة، لأنها تتحدث مع الضيف بلغة هادئة وثقافة عالية وبموضوعية دون انحياز، وهذا ما نحتاجه في تناولنا لكل شؤون الحياة، لكي تكون تلك البرامج إضافة وبناء لفكر المشاهد وليست عكس ذلك.