طبيعي أن يهيمن الوضع السوري على الحدث العربي والدولي ويصبح في الواجهة، والسؤال المهم، لماذا انفجر الوضع وبهذه القوة والمواجهة الشرسة، وكيف صمت الشعب إلى أن بدأ الربيع العربي يأخذ مداه بثورات شعبية لم يكن أحسن المراقبين والراصدين للأوضاع العربية يتوقع حدوث هذا المد الهائل الذي بدأ من تونس ليعم أربع دول أخرى؟.. من يعرف سوريا من الداخل، وكيف خطط حكم الأب للهيمنة على الجيش والأمن وأجهزة الاستخبارات، ومراكز المال والاقتصاد، ومنحها عناصر الطائفة أو الموالين للحكم، يدرك كيف استمرت القبضة الحديدية حتى ان وصول مغترب سوري يأتي من أمريكا وأوروبا ولا يحمل هوية علوي يراقب ويطارد تحت تهمة عميل، وعلى المنافذ والمطارات كانت المعاملة تجري وفق إن لم تدفع ستواجه منغصات الشرطة والجوازات وتفتيش أمتعتك أو منعها مما حدا بمعظم سياح الخليج جعل سوريا مجرد ممر لتركيا، وعلى طريقة ستالين وشاوشسكو وصدام حسين والقذافي تحتل الميادين والعمارات ومداخل المدن والقرى تماثيل وصور الزعيم، وحتى الدكاكين ومحطات الوقود ومحال الحلاقين، لابد من تعليق صورة الأسد الأب والابن وكان الحصول على وظيفة أو دخول الجامعة والكليات العسكرية، والقيام بأي مشروع لابد من دفع الرشاوى، حتى أصبحت سلطة العائلة والطائفة تهيمن على كل منافذ الاستثمار والبنى التحتية.. هذه الأجواء دفعت بالشعب أن يتحرك وبقوة، وهو يعلم ثمن التضحيات الكبرى، حتى ان رؤية الإيرانيين في المواقع الحساسة يتصرفون كمواطنين من الدرجة الأولى ومحاولة اتخاذ التشيع مرتكزاً لخطط المستقبل البعيد، كانت من العوامل الأساسية التي أعطت مبرر الانفجار، لأن دولة ذات أغلبية سنية كبيرة، يراد تحويلها، وبقوة النظام شيعية جعلت الحكم لا يطاق، وقد أرخت أحداث حماة بظلالها على كل المشهد.. ومثلما كان الحكم يتعامل مع إسرائيل بتوافق سري، بينما يعلن أنه دولة المواجهة كانت الأهداف متطابقة والدليل أن الصحافة الإسرائيلية هي من دعت للمحافظة على النظام وسبق أن كشفت إسرائيل للحكم مؤامرة انقلاب على الأسد الأب وأحبطت، وعندما يأتي الحديث عن تفكيك سوريا إلى كيانات متعددة، فقد تكون الخطة موضوعة في إنشاء دولة العلويين بدعم من إسرائيل، لأن استراتيجيتها المزمنة تفتيت الدول المجاورة لها، واعتبار الأردن دولة الفلسطينيين، ستحاول تطبيق ما جرى في العراق، والمحاولات التي تجري في ليبيا، لكن ما يخيفها أن الشعب السوري هو الداعي للوحدة العربية، فكيف يفرط بوحدته الوطنية طالما قاعدتها راسخة وثابتة، وبحصيلة وعي وثقافة كبيرين.. محاولة تسوية الأمور بمندوبين مثل عنان أو غيره، تعد إضاعة وقت على الشعب السوري الذي يذبح بتواطؤ غربي - شرقي، وسوريا بشكل مغاير لكل الصراعات في المنطقة بعد زوال الاتحاد السوفيتي، هي من منحت روسيا والصين قوة مضافة ودوراً سياسياً قادماً في الشأن العالمي كله، والتجربة نجحت ولا يستطيع الغرب أن يكون مطلق اليدين بالساحة الدولية..